عثمان ميرغني يكتب : طريقان.. لا ثالث لهما

حديث المدينة  الثلاثاء 11 مارس 2025
منذ اليوم الأول للحرب، صباح السبت 15 أبريل 2023، بدأت أكتب وأطالب بإلحاح بالتعجيل في تكوين هياكل الدولة، وعلى رأسها رئيس مجلس الوزراء بكامل صلاحياته وفريقه الوزاري، بل وحتى المجلس التشريعي “البرلمان”. ولكن، وللأسف الشديد، كما يقول شاعرنا العباسي ” فانعدلت ثورة منك خانها الجلد”.
كثير من المعترضين ينقصهم النظر العميق والبعيد لما يجب أن تكون عليه الدولة، ويعتقدون أن الأمر لا يتطلب أكثر من حماس الوسائط الاجتماعية وهتافات الإنترنت وشعارات “البل”.
في المقابل، كان هناك آخرون -أكثر ذكاءً- يظنون أن تأخير تشكيل هياكل الدولة سيضمن لهم السيطرة عليها وإقصاء بقية القوى السياسية.
مرت سنتان، وأنجز الجيش ما وعد به؛ حقق انتصارات باهرة، دحر التمرد، واستعاد معظم المناطق. ولكن، ها نحن أمام واقع هو عين ما ظللت أحذر منه: المناطق التي استعادها الجيش تعاني من انفلات أمني خطير، دفع بعض العائدين إلى قراهم ومدنهم للنزوح مرة أخرى. وبالطبع، لا يمكن لوم الجيش أو القوات المساندة على ذلك، فهذه مهمة السلطة المدنية الغائبة، التي تنتظر أن تحكم دون أن تتحمل مسؤولية المواطن.
وعلى أي حال،
لا وقت للدموع. المطلوب الآن تحرك عاجل لدرء المصائب، يبدأ بتشكيل حكومة تنفيذية كاملة الصلاحيات، مستقلة تمامًا عن مجلس السيادة، رغم أنف الوثيقة الدستورية المعدلة التي منحت كل السلطات للمجلس. فالحقيقة أن الوثيقة ليست دستورية ولا تعديلاتها كذلك. والأفضل الاعتماد على شرعية الإنجاز، وتقدير ما يصلح الوطن والمواطن أولاً وفوق أي اعتبار.
السودان اليوم أمام مفترق طرق:
•الطريق الأول: يؤدي إلى وطن قوي يعالج الدمار التاريخي، ويشرع في نهضة شامخة يستحقها أهل السودان.
•الطريق الثاني: أوهام الاستحواذ على السلطة بلا رؤية أو برنامج، سوى السلطة من أجل السلطة. وهو طريق مجرب، أثبت أنه أسرع مسار للسقوط المريع على حساب الوطن والمواطن.
والذي نراه الآن هو الطريق الثاني. الطامحون والطامعون في السلطة شدوا المئزر، وعكفوا على تهيئة الأوضاع لتكريس سلطة فردية ضيقة، يساندهم منتفعون يجدون في مثل هذه الفرص مناخًا سهلاً للصيد الجائر. يظنون أن الثمرة على وشك السقوط في سلتهم، ولا يدركون أنها ثمرة فاسدة.
السودان بحاجة إلى مجموعات واعية تنبري للمشهد السياسي، وتكرس نفسها للدفاع عن مصالح المواطن. أما الوالغون حاليًا في إناء السياسة، فهم -للأسف- لا يكترثون ولا يدفعون ثمن فشلهم.
نقلا عن موقع صحيفة التيار السودانية

اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *