تسريبات عن حكومة كامل إدريس.. وجوه جديدة ومعركة الكفاءة مقابل الحصص

بورتسودان – شبكة- الخبر – حصلت الجزيرة نت على تسريبات تكشف ملامح التشكيل الوزاري المرتقب لحكومة رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، الذي كُلّف بالمنصب في 19 مايو الماضي، في أول تجربة مدنية منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023. وتشير المصادر إلى أن إعلان الحكومة الجديدة بات وشيكًا، رغم استمرار بعض التعقيدات السياسية.

وبحسب مصادر متعددة تحدّثت للجزيرة نت، فإن رئيس الوزراء يتمسّك بوضع معايير دقيقة لاختيار الوزراء، تستند إلى الكفاءة والنزاهة والحيادية، بعيدًا عن المحٌاصصات التقليدية. ويُنتظر أن تكون الحكومة الجديدة مكونة من 18 وزارة فقط، مع تقليص في الجهاز التنفيذي ومراعاة تمثيل النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة.

ورغم مرور قرابة شهر على تكليف إدريس، إلا أن الإعلان تأخر بسبب ثلاث عقبات رئيسية، أبرزها إصراره على ترشيح شخصيات ذات كفاءة مهنية عالية، وحرصه على تمثيل متوازن للمجتمع السوداني، بالإضافة إلى تمسّك حركات الكفاح المسلح، لا سيما حركة العدل والمساواة، بالحفاظ على مقاعدها التي حصلت عليها بموجب اتفاق جوبا للسلام في 2020.

مطبخ سياسي جديد

وفي كواليس القصر، تكشف التسريبات عن فريق ضيّق يحيط برئيس الوزراء، يضم شخصيات مدنية وأمنية من خلفيات متنوعة، أبرزهم وزير الإعلام السابق خالد الأعيسر، الذي يرتبط بعلاقة صداقة قديمة مع إدريس، ويُرجّح أن يُكلّف بمهام استشارية أو دبلوماسية. كذلك يبرز اسم الدكتور حسين الحفيان، الخبير الاقتصادي المعروف وصاحب صلات وثيقة بمؤسسة الحكم، إضافة إلى السفير بدر الدين الجعيفري، والدبلوماسي نزار عبد الله، ورجل المخابرات السابق الذي خدم في بعثات خارجية.

كما يحظى إدريس بدعم من شخصيات وطنية مثل الفريق عبد الرحمن الصادق المهدي، والمحامي المعروف نبيل أديب، رغم تردد أنباء عن اعتذاره عن تولي منصب وزير العدل، بعد انتقادات حول آرائه السابقة بشأن الوثيقة الدستورية.

وجوه جديدة وتمثيل نوعي

وتشير المصادر إلى أن رئيس الوزراء يعتزم إشراك وجوه شبابية جديدة، من بينها أحد قادة مجموعة “غاضبون”، وأحد جرحى المعارك ضد الدعم السريع. كما ارتفعت أسهم الشاب المسيحي القبطي جرجس روح، أحد المتطوعين البارزين في صفوف المقاومة المدنية، ما يعكس رغبة إدريس في إرسال رسالة قوية حول الوحدة الوطنية والاعتراف بدور المكونات غير المسلمة.

في وزارة الخارجية، يتنافس على المنصب كل من عمر صديق، السفير السابق في الصين والوزير لفترة وجيزة، والسفير إدريس فرج الله، المعروف بخبرته الواسعة في الأمم المتحدة وتمثيله لمنطقة جبال النوبة التي تشهد نزاعًا مستمرًا.

أما وزارة الصحة، فقد وُضع اسم الدكتور أوشيك سيدي أبو عائشة، أحد أبرز الأطباء في مجال الأعصاب، إلى جانب البروفيسور محمد الأمين أحمد، المدير الأسبق لجامعة النيلين، كمرشحين للمنصب، في إطار توجه الحكومة لإعطاء تمثيل فاعل لشرق السودان.

صدام مؤجل مع حركات الكفاح المسلح

رغم الإشارات الإيجابية في خطاب إدريس الأول، الذي نوّه فيه بدور الحركات المسلحة في بناء السلام، إلا أن التوتر مع بعضها لا يمكن إنكاره، خاصة مع حركة العدل والمساواة التي ترى في تجاوز الحصص المنصوص عليها في اتفاق جوبا تقويضًا لمكتسباتها. وقال رئيس الحركة، جبريل إبراهيم، في تصريح للجزيرة نت، إن تعديل النسب يتطلب موافقة الحركات، وإن تجاوزها يُعد خرقًا للاتفاق.

لكن مصدرًا مقربًا من إدريس يرى أن البلاد تمر بمرحلة انتقالية استثنائية لا تسمح بالجمود على معادلات ما قبل الحرب، معتبرًا أن جبريل أثبت في السابق قدرات رجل الدولة، ويمكن أن يتولى دورًا أكبر في المرحلة القادمة.

بين الطموح والزمن

وبين سعي رئيس الوزراء لتقديم حكومة مدنية فاعلة تستند إلى الكفاءة، وضغوط الواقع السياسي والميداني، يواجه إدريس تحديات جسيمة في تشكيل طاقمه الوزاري. ومع حلول ذكرى مرور شهر على تكليفه، يجد نفسه أمام خيارين: إما إعلان جزئي للحكومة قد يصطدم بعراقيل سياسية، أو المضي في إعلان شامل يراعي التوازنات الدقيقة من دون المساس بالمعايير التي تعهّد بها أمام الشعب.

وفي انتظار الحسم، يعلّق السودانيون آمالهم على حكومة جديدة قادرة على انتشال البلاد من محنتها، في وقت تبدو فيه أزمة السودان ملفًا منسيًا في عالم مزدحم بالكوارث.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *