زرعت الألوان في عيون الصغار فكبروا بحبها
بورتريه ـ شبكة_الخبر – في صباحات الجمعة التي لا تُنسى، كان صوت الأناشيد يملأ البيوت، وتتلألأ عيون الأطفال وهم يتحلقون حول شاشة التلفزيون أو مذياع أمدرمان. وسط تلك اللحظات السحرية، كانت “ماما عشة” حاضرة دائمًا، تشدو بالألوان، وتغزل الفرح في ركن “فن وجمال” من برنامج جنة الأطفال، ترسم الوعي وتزرع المحبة في قلوب الصغار.
جنة من الأغاني والرسومات.. وقلوب الأطفال كانت الحصاد
“كلنا تامين.. وكمان دايمًا سالمين”
هكذا تغنّى أطفال السودان، بأصواتهم البريئة، وهم يتابعون “جنة الأطفال”، البرنامج الذي أصبح ركنًا ثابتًا في الذاكرة الجمعية، وشاركت في بنائه “ماما عشة” – الفنانة التشكيلية والإعلامية الراحلة عائشة سالم – التي أهدت سنوات عمرها لهذه الجنة الصغيرة، حتى تحوّلت إلى أيقونة تربوية وثقافية سودانية.
من فقرة “فن وجمال” إلى الذاكرة الوطنية
كانت فقرتها “فن وجمال” أكثر من تعليم للرسم؛ كانت مساحة لتفجير الإبداع، ولزرع الخيال، ولبناء حس جمالي وإنساني عميق. لم تكن “ماما عشة” مجرد مقدمة برنامج، بل كانت مربية ومُلهمة ومعلمة بالفن، جعلت من فرشاة الألوان أداة للتوجيه والارتقاء.
جسدت الرفق.. وعلّمت الحب بلغة بسيطة
وسط زخم البرنامج، الذي جمع أساطين التوجيه التربوي مثل “بابا فزاري”، “ماما صفية”، “الجد شعبان”، و”عمو هدايا”، لمع اسم “ماما عشة” كواحدة من أبرز ركائز ركن الطفولة. كان حضورها الدافئ يجعل الأطفال يرسمون معها ليس فقط على الورق، بل على جدران وجدانهم.
من أمدرمان إلى عمان.. الرحيل في صمت الكبار
غادرت عائشة سالم هذه الدنيا من سلطنة عمان، بعد صراع مع المرض، لكنها تركت خلفها إرثًا ضخمًا من المحبة، والتقدير، والإبداع. رحلت، لكنها بقيت حيّة في الذاكرة الشعبية، في أصوات الأطفال، في دفاتر الرسم، وفي كل نشيد ردده الصغار وهم يتعلمون أبجديات الجمال والنقاء.
ماما عشة.. الجبر الجميل لقلوب الأطفال
كانت “ماما عشة” تجبر خواطر الأطفال بالحب والحنان والإبداع. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
نسأل الله أن يرحمها، ويجزيها عن أجيال السودان خير الجزاء، فهي التي أحيت أرواحًا صغيرة، وربّت أجيالًا بأدب وفن راقٍ.
الرحمة والخلود لـ”ماما عشة”.. التي جعلت من الفن جسرًا إلى قلوب الصغار.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.