عامر محمد أحمد يكتب : صعود وترمبب العالم 1..

يعيش العالم الثالث حالة صَغار ومرار، والصَّغار: (مصدر صَغُرَ).: “عاش في صَغار” أي في ذلّ، مهانة، هوان.

أما المرار: المؤنث: مريرة، والجمع للمؤنث: مرائر. مُرٌّ، طعم مرير.

الذل للدول الفقيرة بفعل الاستعمار الأوروبي، وطَعم الحنظل في حلوق شعوب ذاقت الهيمنة المباشرة والهيمنة غير المباشرة بواسطة أدوات الاستعمار: أفراد، جماعات، دول؛ وهي دول باعت مع الكرامة كل ما يرتبط بالوطن أو المواطن، وحجزت موقع التابع الذليل المنكسر أمام الاستعمار في صورته الجديدة: صناديق المال والهيمنة العسكرية.

اليمين المتطرف في أوروبا في كل يوم يتمدد ويزداد عنفاً لفظياً وجسدياً على المهاجرين، أحفاد الأوائل والأواخر الذين ذهبوا برحلة الموت والخوف والدموع بواسطة البحار إلى الجنة الأوروبية.

صعود اليمين هو الثمرة المُرّة لليبرالية الاستعمارية التي تؤمن بالحرية والتفرّد للإنسان الأوروبي، وتفرح لوجود الآخر في معسكرات النزوح واللجوء وفقر الدول رغم مواردها.

في تذكرة الذهاب الأولى كان عنوان الاستعمار: إخراج “البرابرة” من الشرق إلى رحاب التمدن والمدنية، مع رفض كل ما عرفه “المتبربر” – بالإصطلاح الأوروبي – من مدنية وحضارة ومدن. يبدأ تاريخ العالم بعصر الأنوار الأوروبي، وما عداه مجرد فقاعات لم تلبث إلا قليلاً وانتهى أمرها إلى غير رجعة.

حالة العالم العربي وأفريقيا هي الأسوأ في ترتيب الدول التي سبق وصول جند الاستعمار إلى أراضيها، ولذلك فإن تحسّس مخالب وأنياب المستعمر يبدأ من حلقة خاصة ضيقة في كف الواقع المأزوم؛ واقع الشتات والتمزق في العالم العربي، وما تم صنعه من حيل وأحابيل يتم تمريرها على الشعوب.

فقد كان الصوت الأعلى هو صوت المعركة ضد العدو، وبعد كامب ديفيد، حرب الانكباب على الداخل لصالح البناء والتنمية، والزعم بأن المعركة تحتاج الاقتصاد القوي، حتى وصلنا مرحلة تنمية أمريكا الاستعمارية كبديل لوحدة تنموية وسياسية عربية.

والقيام بخلق الحروب وتغذيتها في ليبيا واليمن وسوريا والسودان، لصالح مشروع إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، علماً بأن التحطيم المقصود لذاته هو ضرب البنى التحتية وتجريف الذاكرة وتحويل المدن إلى مدن أشباح.

والقائمة تشمل تشريد الشعوب السودانية واليمنية والليبية والسورية، وإحلال وإبدال ديموغرافي يعملون عليه بهدوء وموت ضمير بواسطة عملاء من أفراد ودول.

نواصل..


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *