نار الحرب السودانية تقترب من ليبيا: جبل العوينات على خط النار

  الخرطوم – طرابلس | تتصاعد المخاوف الإقليمية والدولية من اتساع رقعة الحرب الأهلية في السودان، بعد اشتباكات مسلحة اندلعت مؤخرًا في منطقة جبل العوينات، عند المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، في مؤشر خطير على إمكانية انتقال لهيب الحرب إلى الجنوب الليبي الهش أمنيًا بطبيعته.
الجيش السوداني اتهم بشكل مباشر قوات الدعم السريع بالتنسيق مع عناصر من “كتيبة السلفية” الليبية، التابعة لقوات خليفة حفتر، بتنفيذ هجوم على نقاط حدودية داخل الأراضي السودانية، واعتبر ذلك “عدوانًا سافرًا” يهدد السيادة الوطنية.

وأكد بيان الجيش أن القوات المسلحة “ستتصدى بكل قوة لهذا التدخل”، مشددًا على أن السودان “لن يسمح بتحويل حدوده إلى بوابة لتوسيع الحرب أو فرض أجندات إقليمية”.

تحالفات عبر الحدود وتبدّل خرائط السيطرة

تأتي هذه التطورات بعد تقارير عن تمركز كتيبة سبل السلام الليبية في المعبر الحدودي عند العوينات، وهو ما وصفته مصادر سودانية بـ”الاختراق العسكري”، وأدى إلى اشتباك عنيف بين عناصر هذه الكتيبة وقوات سودانية مشتركة تُعرف بـ”القوة المشتركة”، تضم فصائل متحالفة مع الجيش.

ورغم شح المعلومات الرسمية، أكدت مصادر محلية سقوط قتلى وأسرى من الطرفين، مما يعكس هشاشة الوضع على الأرض، وارتفاع وتيرة التصعيد في واحدة من أكثر المناطق حساسية في الإقليم.

دلالات أوسع لتغير موازين القوى

تقرير نشرته صحيفة “أراب ويكلي”، ربط هذا الاشتباك بتغيرات أوسع في خريطة الحرب داخل السودان، خصوصًا بعد إعلان تحالف استراتيجي بين قوات الدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وسيطرتهما على مدينة أم دحيلب في جنوب كردفان، ما يشير إلى تقدم لافت لهذا التحالف المسمى بـ*”تحالف السودان التأسيسي”*.

ويتزامن هذا مع تراجع قوات الجيش السوداني في ولايتي كردفان ودارفور، وتقدم الدعم السريع نحو مدينة الأبيض، ما ينذر بانهيار خطوط الدفاع التقليدية للجيش، ويُعيد تشكيل ديناميكيات الصراع برمّته.

ليبيا: ساحة حرب محتملة أم طرف أصيل؟

رغم عدم صدور تعليق رسمي من قوات حفتر على هذه الاتهامات، فإن وجود فصائل مسلحة ليبية جنوب البلاد، وتداخل شبكات التهريب والارتزاق، يؤكد أن الجنوب الليبي قد يتحول إلى منصة خلفية لصراع السودان، ما يعيد إلى الأذهان سيناريوهات تشاد والنيجر من قبل.

وأعقب الاشتباكات الأخيرة إعلان السلطات الليبية إغلاق الحدود مع السودان، وفرض حظر على دخول اللاجئين السودانيين، وهو ما وصفته “أراب ويكلي” بأنه “رد فعل على تنامي الفوضى على الجبهة الجنوبية”، خاصة بعد خطف ثلاثة مواطنين ليبيين داخل الأراضي السودانية الشهر الماضي.

خطر انفجار إقليمي في الأفق

تتزايد المخاوف من أن تتحول المنطقة الحدودية بين السودان وليبيا ومصر إلى بؤرة اشتعال جديدة، في ظل غياب حلول سياسية في السودان، واستمرار دعم أطراف إقليمية لطرفي الصراع.

وحذّر مراقبون من أن تفاقم الأوضاع عند جبل العوينات ليس مجرد تطور موضعي، بل يمثل بداية انتقال حقيقي للحرب السودانية خارج الحدود، مما يستوجب تحركًا عاجلًا من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، لاحتواء التدخلات الخارجية، وحماية الاستقرار في دول الجوار، خاصة تلك التي تعاني أصلًا من هشاشة أمنية وسياسية.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *