المال والسلاح والوسطاء: خيوط صراع سوداني تتشابك في قلب الخليج

أبوظبي – الخرطوم ـ شبكة_الخبر  ـ في واحدة من أخطر فصول التوتر المتصاعد بين الخرطوم وأبوظبي، أعلنت النيابة العامة الإماراتية عن إحباط محاولة تهريب شحنة ضخمة من العتاد العسكري إلى الجيش السوداني، متهمةً خلية تضم مسؤولين سابقين وشخصيات مقربة من قيادة الجيش بالضلوع في عمليات اتجار غير مشروع بالسلاح، دون ترخيص قانوني، وباستخدام عقود مزورة لتحويل أموال تحت غطاء “صفقة سكر”.
ولم يتأخر الرد السوداني، إذ وصف الناطق باسم القوات المسلحة السودانية الاتهامات بأنها “ذر للرماد في العيون”، متهمًا الإمارات بـ”تمويل مليشيا آل دقلو المتمردة ومدّها بالعتاد من الطلقة وحتى الطائرات المسيّرة”، ومؤكدًا أن “ما تم تقديمه للعالم من أدلة يثبت تورطها في قتل السودانيين”.

ضبط طائرة خاصة

وأفاد النائب العام الإماراتي، الدكتور حمد سيف الشامسي، في بيان رسمي نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام)، بأن أجهزة الأمن تمكنت من ضبط طائرة خاصة في أحد مطارات الدولة، وعلى متنها نحو 5 ملايين طلقة من عيار “7.62 × 54.7” من نوع “جيرانوف”، كانت موجهة إلى القوات المسلحة السودانية.

وأوضح أن العملية أسفرت عن توقيف أعضاء خلية متورطة في التهريب غير المشروع للعتاد العسكري، بينهم المدير السابق لجهاز المخابرات السوداني صلاح قوش، وضابط سابق بالجهاز، ومستشار وزير المالية السابق، إلى جانب سياسي مقرب من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ونائبه ياسر العطا.

وكشفت التحقيقات، بحسب البيان، أن هذه الصفقة أُبرمت بناء على تكليف مباشر من لجنة التسليح التابعة للقوات المسلحة السودانية، باستخدام أساليب غير قانونية شملت إصدار عقود وفواتير مزورة، وتحويل الأموال عبر شركة مملوكة لأحد المتهمين الهاربين باستخدام طريقة “الحوالة دار”، لإخفاء وجهتها الحقيقية. ولفت الشامسي إلى أن النيابة العامة صادرت مستندات الشحن والعقود المزورة، وتسجيلات ومراسلات تؤكد عملية التهريب.

وبحسب الرواية الإماراتية، فإن المتهمين جنوا أرباحًا تقدر بـ2.6 مليون دولار كفارق سعر من الصفقة، وتم ضبط حصة المتهم صلاح قوش بحوزة مدير مكتبه السابق، خالد يوسف مختار يوسف، وهو ضابط سابق في جهاز المخابرات.

وأشارت النيابة إلى أن الطائرة المضبوطة كانت قادمة من دولة أجنبية، وصرحت رسميًا بأنها تحمل شحنة أدوات طبية، لكنها كانت تقل العتاد العسكري. كما جرى الكشف عن تورط شركات يملكها رجل أعمال سوداني – أوكراني الجنسية، مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأمريكية، في تسهيل صفقات الأسلحة، بما في ذلك طائرات بدون طيار.

القوات  المسلحة السودانية ترد

من جهتها، رفضت القوات المسلحة السودانية الاتهامات جملة وتفصيلًا، ووصفتها بأنها محاولة لصرف الأنظار عن ما أسمته “الدور الإماراتي التخريبي في السودان”. وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني في تصريح لوكالة رويترز:
“نحن دولة ذات سيادة وجيش وطني لا نحتاج إلى تهريب السلاح، بل إن الإمارات هي من تمارس السلوك الإجرامي بتزويد مليشيا آل دقلو الإرهابية بكل أنواع العتاد، وهذا ليس اتهامًا بل حقائق موثقة بأدلة قدمناها للعالم، بما في ذلك الأسلحة التي ضبطناها في مواقع المليشيا.”

وتابع: “حينما كشفت الحكومة السودانية بالأدلة تورط الإمارات في دعم المليشيا، لجأت الأخيرة إلى فبركة هذه التهم في محاولة لتبرئة نفسها أمام المجتمع الدولي.”

تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب الأهلية الدامية في السودان منذ أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط اتهامات متبادلة بتلقي الدعم الخارجي، وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية وأمنية متفاقمة في الإقليم. ويُتوقع أن تُلقي هذه الواقعة بظلالها على العلاقات بين الإمارات والسودان، وأن تزيد من تعقيد المشهد الإقليمي المحيط بالصراع.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *