« من رحم واحد  » إلى خندقين متقابلين: الفاجعة التي فجّرتها « الحرب »

فيتشر ـ بهاء الدين  عيسى ـ في مشهد يلخّص مأساة الحرب المستعرة في السودان، سقط الملازم أول محمد الخاتم أحمد، أحد ضباط القوات المسلحة السودانية، قتيلا  الأثنين خلال معركة عنيفة دارت بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور،  المأساة كانت أعمق من مجرد سقوط ضابط في الميدان؛ فقد كان شقيقه، حجي أحمد، يقاتل على الضفة الأخرى ضمن صفوف قوات الدعم السريع.

  محمد الخاتم من أبناء محلية المالحة بشمال دارفور، وكان قد التحق مبكرًا بالجيش السوداني، حاملًا حلم خدمة وطنه، وانضم إلى الفرقة السادسة، إحدى أبرز وحدات القوات المسلحة بالمنطقة.

لكن الصراع الدامي الذي اندلع  بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 قلب المعادلة رأسًا على عقب، ليتحوّل محمد من مدافع عن وطنه إلى مقاتل في مواجهة مباشرة مع شقيقه حجي أحمد.

الفاشر تحت الحصار

تعيش مدينة الفاشر أوضاعًا إنسانية مأساوية تحت وطأة الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع، في محاولتها للسيطرة على آخر معاقل الجيش النظامي في دارفور.

وقد أسفر القصف العشوائي الذي طال أحياء سكنية ومخيم أبو شوك للنازحين عن مئات القتلى من المدنيين، إضافة إلى انهيار الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء ورعاية طبية.

وسط هذا الحصار الخانق، تتفاقم معاناة السكان الذين يعيشون تحت تهديد دائم بالقصف ونقص الغذاء والدواء، في مدينة كانت حتى وقت قريب مركزًا تجاريًا وثقافيًا نابضًا بالحياة في الإقليم.

الحلم ينكسر تحت ركام الحرب

كان محمد يحلم منذ صغره بأن يكون جنديًا يسهم في بناء السودان، لكنه لم يتخيل أن يتحول هذا الحلم إلى كابوس وسط حرب لا تميز بين الأخ وأخيه.

بزيه العسكري وإيمانه بدوره الوطني، دخل معركة الفاشر ليجد نفسه في مواجهة من تربّى معه تحت سقف واحد، ويدفع حياته ثمنًا لصراع لم يختره.

بمقتله، تحولت مأساة الحرب من مجرد معركة عسكرية إلى جرح إنساني غائر يمزق العائلات ويفتت المجتمعات.

 الأم.. صبر يمشي فوق الجراح

في منزل العائلة بمحلية المالحة، وقفت الأم المكلومة أمام صورة ابنها الراحل، يطاردها الحزن ويعصر قلبها القلق.

فقدت محمد، ويطاردها خوف آخر على حياة ابنها الثاني، حجي أحمد، الذي لا يزال يقاتل في صفوف القوات الأخرى.

لم تعد الحرب مجرد خطوط مواجهة، بل اقتحمت البيوت وحطمت الروابط، ليقاتل السوداني شقيقه في معركة عبثية لا تبقي ولا تذر.

 لم تعد الحرب مجرد خطوط مواجهة، بل اقتحمت البيوت وحطمت الروابط، ليقاتل السوداني شقيقه في معركة عبثية لا تبقي ولا تذر.

 وسط هذا الخراب الذي لا يعرف الرحمة، تظل الأم السودانية رمزًا للصبر والمعاناة، شاهدةً على حرب مزّقت الأسر وأحرقت أحلام وطن بأكمله.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *