عثمان ميرغني :مع العائدين الى السٌودان

 

حديث المدينة السبت 19 أبريل 2025
عندما وصلت إلى موقع تجمع الحافلات العائدة من القاهرة إلى السودان مساء الخميس أول أمس، لفت نظري الفرحة الغامرة في وجوه الذين ظلوا ينتظرون هذه اللحظة ربما لسنتين منذ أنشبت الحرب أنيابها في وطننا الجميل..
مجموعات من الأسر، مختلف الأعمار.. يباشرون إجراءات شحن حقائبهم أولا، ثم الصعود إلى الحافلات.. صادفت ترتيبات تفويج أربعة منها.. تنقلهم مباشرة إلى منطقة “أبو سمبل” أقصى جنوب مصر، حيث تبدأ الإجراءات الرسمية لمغادرة الأراضي المصرية والانتقال إلى الضفة الأخرى في مدينة وادي حلفا.
حسب ما علمت من العمدة مجدي كنان راعي مبادرة “العودة الآمنة” الذي يشرف على هذه الرحلات.. أن أعداد السودانيين العائدين تتزايد يوميا وبسرعة.. أحيانا تتولى المبادرة تفويج “21” حافلة سياحية في يوم واحد.. أي أكثر من ألف مواطن سوداني.. رغم أن موسم الذروة لم يبدأ بعد.
غالبية الأسر السودانية التي استجارت بالشقيقة مصر بعد الحرب مرتبطون بنهاية العام الدراسي.. الذي يستمر إلى عيد الأضحى المبارك.. و حسب تقديرات العمدة مجدي كنان فالمتوقع ارتفاع أعداد العائد قفزا إلى أرقام قياسية تتطلب استعداد السلطات في البلدين من الآن لمواجهة متطلبات ذلك في المعابر الحدودية.
العمدة مجدي كنان الذي زرته في مكتبه للحصول على معلومات عن تدفقات العودة للوطن.. يرعى مبادرة أطلق عليها “العودة الآمنة” يتولى توفير الحافلات السياحية المكيفة المريحة.. ويتكفل بالإجراءات المطلوبة حتى الوصول إلى مدينة حلفا.. ولكن البعض يفضلون تمديد الرحلات حتى مدن سودانية بعينها .. وعادة هؤلاء يحجزون الحافلة كاملة لتسافر مباشرة من القاهرة مثلا إلى مدينة مدني أو “ألتي” أو عطبرة وغيرها من المدن.
هناك عدة جهات أخرى تنظم رحلات أيضا، تختلف في تفاصيلها حسب كل جهة.
السلطات المصرية تسهل الإجراءات إلى أقصى درجة ممكنة.. فالحافلات تنتظم في رحلة سلسة من منطقة انطلاقها بالقاهرة حتى الوصول إلى موقع الترتيبات الرسمية للمغادرة.. و تكتمل الإجراءات بسرعة ليتمكنوا من العبور إلى الجانب السوداني الذي أيضا يوفر استقبالا سهلا.
خلال الصعود إلى الحافلات.. نظرت في وجوه الأسر السودانية العائدة.. الكبار والصغار .. الرجال والنساء.. والله العظيم لكأن في كل وجه قصة مختلفة تحكي عن بلد آمن مستقر لم يعرف في تاريخه مثل هذا الواقع الدامي.. شعب ما كان يظن أن ما يراه في شاشات الفضائيات في الدول الأخرى قابل لأن يكون يوما في أرضه ووطنه..
قمة المأساة أن يدفع شعب كامل أثمان فواتير الآخرين.
الظروف الاستثنائية التي ألجأت الملايين من السودانيين إلى مصر، رغم ما اكتنفها من مآسي وقصص يشيب من هولها الولدان إلا أن في طيات المحنة منحة الإحساس الكبير لدى كل سوداني أن مصر ليست مجرد جارة الوادي.. بل شريان دم واحد.. مثل النيل.. يجب أن يصب في بحر مستقبل واحد مصلحة الشعبين..
أقل ما يستحقه شعب السودان أن يعود ويجد واقعا مختلفا.. وطنا جديدا.. مستقبلا باهرا.

نقلا عن – موقع صحيفة التيار السودانية


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *