عثمان ميرغني يكتب :استهداف قطاع الكهرباء

حديث المدينة الخميس 10 أبريل 2025
تعرض سد مروي لهجمات متتالية بالطائرات المسيرة التي يطلقها التمرد و أدت لإظلام بعض الولايات.. وفي كل مرة يستعيد المهندسون الوضع يتكرر الاعتداء بصورة منهجية تبرهن على أن القصد هو الضغط على المواطن السوداني حيثما كان عقابا على وقوفه بصلابة مع جيشه.
و مثل هذه الأهداف المدنية لا تحتاج لجهد في استهدافها لكونها بنيات تحتية ثابتة في مكان معلوم ولا يمكن اخفاءها .. ورغم توفر المضادات الأرضية لحراستها والتشويش الالكتروني لتضليل المسيرات إلا ان كثافة الهجمات تفلت بعضها ..
وطالما هي حرب فلا سبيل لالتقاط الأنفاس.. كلمااحترق مفاعل أو محول يسارع المهندسون لاصلاحه أو ابداله.. وهم موقنون أن النصر في النهاية آت لا محالة.
ومع ذلك فهي فرصة لمراجعة أوضاع قطاع الكهرباء الذي يمثل واحدا من أهم ركائز النهضة في بلادنا.. ويلعب دورا محوريا في اسناد التنمية و تحريك الانتاج.
الواقع أن السودان قبل حرب و قبل استهداف محطات الكهرباء ظل يعاني من عجز كبير في التوليد.. وارتفاع هائل في التكلفة التي تؤثر على فرص صادراتنا في التنافس الخارجي.. الكهرباء لا تزال أعلى بند في قائمة التكاليف التشغيلية – والرأسمالية أيضا-.. وهذا يقعد بكثير من الصناعات بل والزراعة نفسها التي تعاني أساسا من عدم توفر الوقود لادارة الآليات، و مولدات الكهرباء في المناطق البعيدة عن الشبكة القومية.
و معلوم أن قطاع الكهرباء لا يحتمل الخطط قصيرة المدى.. لأن محطات التوليد و خطوط النقل والتوزيع تتطلب تمويلا وجهدا كبيرا وزمنا طويلا.. وفي العادة توفر الدول الكهرباء بقياسات مستقبلية مبنية على توقعات زيادة الطلب..

حتى لا تتوقف عجلة الانتاج أو تتضرر الخدمات التي تمس المواطن بصورة مباشرة.
سبق لي قبل أكثر من 9 سنوات أن طرحت فكرة هيكلة قطاع الكهرباء على الأسس التالية:
أولا : تكوين المجلس الأعلى للطاقة : ليكون مسؤولا عن الخطة الاستراتيجية للقطاع وتنظيم والاشراف على الانتاج والتوزيع وتطوير استخدامات الكهرباء.
ثانيا:بناء على ذلك يتاح قطاع الكهرباء بالكامل للاستثمار المحلي والأجنبي.. في التوليد والنقل والتوزيع.. وتفتح المنافسة فيه على مصراعيها للقطاع الخاص الوطني والأجنبي.
ثالثا: يتولى المجلس الأعلى للطاقة الاشراف وتنظيم العمل في القطاع بمثل تفعل الهيئة القومية للاتصالات.. خاصة في اجراءات الربط بين الشبكات.
رابعا : التوسع في استخدام الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية.. و استخدام أسطح البيوت والبنايات عموما لنشر الخلايا الشمسية مع ادماجها في الشبكة العامة Hybrid ، حيث تزود الخلايا الشمسية في البيوت والمباني العامة الشبكة بما تنتجه من كهرباء فيساعد في زيادة التوليد وتقليل التكلفة و تخفيف عبء الأحمال.
خامسا: تشجيع البنوك على التوسع في تمويل مشروعات التوليد الصغيرة خاصة في الأحياء و البيوت والمزارع والقرى.
اقترح أن تستهدف الاستراتيجية القومية للكهرباء القفز بالتوليد إلى أكثر من 40 قيقاوات حتى العام 2030. على أن تكون التكلفة في أدنى مستوى يسمح بالتأثير الايجابي على تنافسية الصادارت السودانية وجذب الاستثمار في مختلف القطاعات.
الطريقة التي يدار بها قطاع الكهرباء حاليا تفتقر للبعد الاستراتيجي وتركز على المشروعات الإسعافية ومثل هذا النهج يقعد بكل القطاعات الإنتاجية في السودان ويقلل فرص جذب الاستثمار خاصة الأجنبي.
يجب أن نحول المحنة الى منحة..

نقلا عن – صحيفة التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *