عثمان ميرغني
مقاطع مصورة لحوادث مروعة انتشرت في وسائط التواصل الاجتماعي.. حوت عمليات انتقامية مفجعة طالت العديد في ولاية الجزيرة بعد انتصار الجيش و استرجاعه لمدينة مدني.
المشاهد المصورة مؤلمة إلى أبعد درجة.. تخطت كل الحدود في توسيع دائرة الاشتباه ثم الاستجواب العاجل وإصدار الأحكام على الهواء مباشرة ثم تنفيذها بأبشـ؛ع ما يكون أمام الكاميرا بينما جمهور يتفرح ويشجع بل و ربما يهتف بنشوة.
كان حكيما من قيادة الجيش اصدار بيان قوى وحاسم يؤكد أنها حوداث فردية لا علاقة لها بالمؤسسة وان التحقيق سيطال من تورطوا فيها فورا.
وسارعت أيضا الحركات المسلحة في ادانة الأحداث ثم أشادت ببيان الجيش كونه يدفع لمزيد من الطمأنينة.
بالطبع رغم أن قلب كل سوداني انفطر لما حدذ لكن حملات الصيد السياسي الجائر اجتهدت في استثمار الأحداث في الاتجاه المناسب لكل مجموعة.. البعض أخذها فرصة لادانة الجيش واراقة ماء بارد فوق رأس الانتصار الكبير في مدني.. وآخرون استبسلوا في الدفاع عن الجيش وان كان بعضهم -لقلة الخبرة وليس لسوء الطوية- فشل في الذود عن حياض المؤسسة الأقدم في السودان والأكثر انضباطا.
والحقيقة التي لا يمكن انكارها عن هذه المقاطع المصورة حقيقة وليس اصطناعا..
على الأقل التي بثت في الوسائط امس، فليس ثمة جهة ادعت غير ذلك.. و كان مسلكا ايجابيا تجنب الانكار.. و تأكد انها حدثت في مدني وبعض القرى في ولاية الجزيرة وكلها ذات نمط انتقامي لم يتحر أو يتقصى بما يكفي .. ولم تتوفر أدنى معايير العدالة وقد يكون بعض المجني عليهم لا علاقة لهم بالتمرد او الانتهاكات التي ارتكبت في ولاية الجزيرة على يد قوات التمرد بعد سقوط مدني في ديسمير 2023.
بيان الجيش كان شجاعا في الاقرار بالوقائع و وصفها بالسلوك الفردي المعزول وتوعد بمحاسبة الذين ارتكبوها .. وبالطبع سيكون سهلا الوصول لمن تورط فيها لأن الوجوه واضحة في المقاطع والجرائم موثقة بالصوت والصورة.
لكن بالضرورة مطلوب من الجيش التعجيل بالاجراءات القانونية مع اطلاع الرأي العام عليها أولا باول.. لاشاعة الطمأنينة و توفير العدالة وانصاف الضحايا وذويهم.. و أيضا لضمان عدم تكرار هذه الأعمال فالطريق لا يزال ممتدا بمدن أخرى يستعيدها الجيش و سكانها أيضا يحملون في صدورهم غلا كبيرا لما تعرضوا له واضطرهم للنزوح في أحسن الفروض..
و آخرون فقدوا أحباءهم أو أموالهم أو أعراضهم على يد قوات التمرد.
الاهتمام بهذا الملف أمر في غاية الأهمية.. وتوفير العدالة هنا لا ينتظر (حبل المهلة).. لأن الأعمال التي ارتكبت تتطلب مواجهة قوية وصارمة.
الذي ساءني في بعض مواقع التواصل الاجتماعي محاولة البعض وضع الأحداث في كفة ميزان مع ما فعله التمرد في كل مناطق السودان، وكأني بهم يقولون هذه بتلك والباديء أظلم.. وهذا أمر ينافي كل القيم الاخلاقية علاوة على أنه غير قانوني.. فالجريمة لا تبرر للمظلوم أن يأخذ ثأره بيديه..
ولا تناقض بين استمرار الجيش والقوات التي معه في مهامها بصورة عادية.. ولكن في الوقت ذاته إعمال القانون والعدالة.. و توفير أكبر عدد من الشرطة لضمان عدم تكرار الأمر.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.