حديث المدينة الخميس 9 يناير 2025..كيف نستثمر العقوبات الأمريكية.. الأخيرة

عثمان ميرغني 

الولايات المتحدة الامريكية قدمت خدمة جليلة لشعب السودان لوضعها النقاط فوق الحروف بقرار الدقيقة 90 الذي أعلنه بايدن قبيل رحيله من البيت الأبيض-حزمة العقوبات الأمريكية الأخيرة التي طالت قيادة الدعم السريع و7 من الشركات التي تمتلكها المنظومة- فهي تمثل نقطة تحول مهمة قد تؤدي إلى انهاء الحرب لو أحسنا استثمارها..
هذه العقوبات عمليا أنهت الوجود المؤسسي للدعم السريع، فاتهامات الإبادة الجماعية و التطهير العرقي من الخطورة بمكان خاصة عندما تكون في مواجهة منظومة وليس مجرد فرد مهما كان.. لكن ذلك ليس كافيا إذا لم تجد ما يوازيها من الجانب السوداني.. فما المطلوب من الجانب السوداني؟
الوضع الراهن للدولة السودانية لا يسر أحد.. فإذا كنا نتحدث بصراحة دون مجاملة.. ومن أجل الوطن لا من أجل أي فرد مهما كان.. حاليا ليس هناك دولة في السودان بالمعنى الحقيقي.. ولا حكومة.. رغم وجود شكل صوري للدولة والحكومة..
الواقع أن الدولة الآن تكاد تنحصر في شخص واحد.. يديرها باجتهاده الخاص بلا مؤسسات حقيقية لصنع القرار أو متابعة العمل التنفيذي.. صحيح هناك رئيس مجلس وزراء مكلف و اعداد من الوزراء تحت لافتة “مكلف”.. ومؤسسات خدمية و تنفيذية.. لكن لا أحد يخفى عليه الفوضى الضاربة ليس في المدن والقرى البعيدة بل حتى في العاصمة الادارية المؤقتة بورتسودان نفسها.. والتي تعاني من زحام و شح في الخدمات والبيئة و بدلامن ان يكون وجود السلطة فيها ميزة تمنحها اهمية واهتماما خاصا.. تدهورت وفقدت الرونق الذي تحلت به في عهد واليها الأسبق د. محمد الطاهر ايلا..
هذا الوضع للأسف مكشوف للخارج.. الدول التي تتعامل معنا تدرك أن البلاد تعاني من غياب القوام المؤسسي مما يفقدها صدقية التواصل الطبيعي في العلاقات الخارجية عامة والشراكات الاقتصادية خاصة..
و ظل الحديث عن استكمال هياكل الدولة مجرد أمنية ثبت أنها عصية على التنفيذ طالما أن رأس الدولة لا يرغب في وجودها و يصر على الاحتفاط بكل السلطات تحت يده مباشرة..
الآن نحن في حاجة لسياسة خارجية رشيدة تدعمها صورة ذهنية قوية لدولة موفورة القوام المؤسسي.. والأمر لي معجزة ولا يتطلب اعجازا.. كل المطلوب أن تستكمل هياكل ومؤسسات الدولة الطبيعية.. رئيس وزراء يختار وزراءه بمنتهى الحرية ويرسم سياياته و يباشر مهامه التنفيذية بكل سلاسلة واستقلال كامل عن مجلس السيادة.. وفق ما تنص عليه الوثيقة الدستورية التي لا تزال هي المرجع الدستوري المتوفر.
واستكمال بناء بقية المؤسسات.. المجلس التشريعي بسلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية.. مؤسسات العدالة من مجلس القضاء الاعلى و مجلس النيابة العامة والمحكمة الدستورية..
هذه المؤسسات تجعل بلادنا موفورة الحضور دوليا واقليميا.. بل من المكن استعادة (مقعدنا الحالي) في عضوية الاتحاد الأفريقي.
هذا الامر يتطلب تجردا و ارادة سياسية من رئيس مجلس السيادة شخصيا.. فهو الرجل الأكثر امساكا بمفاتيح الفعل حاليا.. و مهما بدت الاجراءات خصما على سلطاته الراهنة لكنها تمنح الوطن قوة .. ويسجل التاريخ ذلك له شخصيا..
وجود دولة مؤسسية مكتملة الهياكل يساهم في رفع ثقة العالم بالسودان حكومة وشعبا.. فيقف معنا في وجه التمرد والحـ؛رب بل و ينتج شراكات لبناء دولة السودان الحديث.
من الحكمة أن نستغل الظرف الراهن…فهو لن يبقى كثيرا..


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *