بقلم :خالد عبد العزيز
مولاي صل وسلم دائمًا أبدا
على حبيبك خير الخلق كلهم
*من البردة المحمدية للبوصيري
سلك طريق المحبة وغمر فؤاده العشق الإلهي فكان الرسول خير البرية ديار محبته . وسلوته ان يكتوي وجدانه بسعير الشوق للقبة البلوح قنديلا .. حاج الماحي 1789- 1871م هو بحق شيح مادحي المصطفي في ارض النيلين . سّخر حاج الماحي حياته وشعره للغزل الصوفي وخفق قلبه في طريق العرفان وهو تصوف اهل السودان الذي نواته وعصبه ان الدين محبة ، وان التسامح منارة الطريق لأهل القوم .
فهم اهل الصلاح والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة .. التصوف في السودان ليس مجرد طار ونوبة وحلقة مديح وانشاد بل هو مؤسسة اجتماعية وتعليمية وثقافية متكاملة . وهو تُقابة من المحبة وكان من لبنات التماسك الوطني سمت بالناس من تعصب وضيق القبلية الي رحاب سوح التصوف فهي تطعم الجائع وتأوي ابن السبيل وتزهد عن شوكة السلطان وتصدح بان الدين يسر وتدرج الناس بدرجات الي حين الوصول الي الحقيقة والامعان في الجوهر وليس المظهر وان اللطافة مقدمة علي الكثافة فكان اهل الصلاح يسلكون دروب الخلوة والجلوة والمحبة والتسامح توقا للنجاة ..
كان حاج الماحي ينشد شعر المديح المحمدي بكلمات موغلة في المحلية عميقة المعاني فتطرب لها الروح وتهفو لها القلوب ويعزف موسيقي صافية مع عذوبة في الالحان وبها طلاوة وفصاحة..
وكلماته كأن بها شئ من نغمات اسماعيل صاحب الربابة ..
لقرون خلون ظلت ومازالت قصائد حاج الماحي ثمرة يانعة من بستان التصوف والثقافة السودانية .. وهو لم ينغمس فيما انشغل به اهل التصوف وقتئذ من مسائل الاتحاد والحلول وكان مديحه اقرب الي نهج السهروردي صاحب نور الانوار والتجلي والاشراق – شوقى لى نور الحقيقة النبى الجاب الطريقة – ..
وحاج الماحي كمعظم رموز السودان لم يجد الاهتمام الذي يليق به من المؤسسات الثقافية والاكاديمية والاعلامية السودانية ولم نقدمه للعالم من حولنا كتراث ديني وثقافي واجتماعي سوداني فهو في مقامه في المديح في السودان لايقل عن ابن الفارض- سلطان العاشقين – ورابعة العدوية وعمر الخيام في وسط مجتمعاتهم ..
فالشيخ الزاهد هو زهرة المديح في السودان وعطرها الفواح .. والتصوف راسخ الجذور في السودان وهو امتداد لمنهج الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر ابن عربي – لقد صار قلبي قابلا كل صورة – ومن أوائل الطرق الصوفية التي انتشرت في السودان هي القادرية – عبد القادر الجيلاني – والشاذلية – أبو الحسن الشاذلي – وكان الحجاز حينئذ هو ينبوع التصوف وشمسه المشرقة وان كان قد تأثر أهل السودان بشكل متعاظم بالتصوف من بلاد المغرب العربي لسنوات متطاولة .
شكلت الصوفية رقما وحرفا ممتدا في وجدان اهل السودان وتعلق قلوب اهله بشيوخ التصوف فكان ميلاد كتاب الطبقات لود ضيف الله هو اول محاولة للتوثيق للمتصوفة في السودان وهو من طلائع الكتب في السودان .. وهكذا كان ارتباط اهل السودان بالتدين يقوم علي المحبة قبل بروز تيارات متشددة وراغبة في احتكار الدين والتدين..
والبلاد في محنتها الحالية وقد أحاطت به الاحن وحاصرتها المحن ولهيب الحرب يشتعل في ارض المحبين والبسطاء نذكر امتحان القوم بالتمساح انذاك هو رمزا للابتلاء وقد انشد فيه حاج الماحي يدعو لوحدة اهل الوقت واقطاب الارض لمواجهة المحنة :
شئ لله يا اهل الدايرة يا الفى الكون اسراركم سايره
ارخو السر فى السحرة الغايرة خلو الدايرة التصبح نايره
ونحن اليوم في أشد الحوجة – لعتق الدم بالعصا – لوحدة اهل السودان لطي محنة الحرب والعودة الي طريق القوم طريق المحبة والسلام والحوار والتسامح ونبذ الكراهية واحقاق الحق وابطال الباطل وهذا هو جوهر الاشراق والعرفان والانسانية والعندو محبة ماخلا الحبة ..
فوق مطايا اسرى الليل لحجايا
العاجزين العرايا
عدمانين السعاية
قول ببركه حجايا
وصارت ناسا غنايا
تلك الحين للغلايا
لز الغيث السمايا
انت الساس والبنايا
انت الظل والغطايا
انت صباحى و مسايا
دافع الشر والبلايا
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.