منتهى الحب.. حين يبدأ الناس بتحضيرك للموت وأنت لا تزال حيًّا!

بروفيسور محمد عبد الله الريح

بيدوك إحساس بالموت قبل يومك. من عمرك يعمل 55 داخل على 60، 65 يرقدوك في الديوان، والموضوع ده يتم بمنتهى الحب:

“يا أبوي، ما تطلع أي حتة، ولو عايز أي حاجة نحنا بنجيبها ليك لحدي عندك.”

وترقد في الديوان لحدي ما ركبك تتيبس (برضو بمنتهى الحب). ويجهزوا ليك الجلابية لصلاة الجمعة، وولدك يجيب ليك عكاز هدية، وبتك تجيب ليك شال لزوم الهيبة والوقار، وتقش بيهو عيونك مرة مرة (بمنتهى الحب).

وفي المناسبات، تشيل مفاتيح البيت وتمشي تحضر العقد، وترجع تحرس البيت، ويجيبوا ليك الأكل في البيت — دا إذا ما عملوا ليك أكل براهو. وإذا هفت ليك روحك وحضرت حفلة، الناس يقولوا: “راجل كبير زي ده منجعص في نص الحفلة؟!” وبناتك يسمعن الكلام ده، يقومن يبكن. تقوم إنت تخجل، وتشيل شالك ومفاتيحك وتمشي تنوم… (برضو بمنتهى الحب).

تعال شوف لو إنت عيان، يتآوقوا ليك من الشبابيك، وإنت بتسمع في كلامهم:

“أكل؟ ما أكل؟ شرب؟ ما شرب؟”

وتعال شوف البكاء والأحضان لحدي ما تصدق إنك مفترض تموت (بمنتهى الحب).

أنا قلت لأهلي: بعد الستين، لو عايزين تعملوا معاي البرنامج ده، مستحيييييل!

أنا عايز أسبح، وأركب عجلة، وبحب رياضة المشي، وعليّ الطلاق ما برقد في ديوان. وبحضر العقد، والحفلة — كان بقت بعشة الجبل ولا في مروة الدولية، أوريكم الرقيص الما خمج!

ولو غنّت “يا زاهية”، ما في زول يفتح خشمو معاي ويقول لي: “أخجل، إنت زول كبير!” والله لا بعرف بنت، لا ولد، لا مرة، لا بطيخ! واحتمال تاني يوم أحضر الصباحية — أكان قدرت، وركبي شالوني!

ومن جهة تانية، شوفوا الكلام المحبط الجاني من طنط إخلاص عبد المنعم:

الأحباب من مواليد 1940 إلى 1965 — وفي رواية: الكوامر.

أول حاجة: ما تقعد تعاين لروحك في المراية كتير في الطلعة والنزلة. شكلك ده ما حيتصلح، وحيواصل في الماينس (وجرى دمعي بالماينس وجرى دمعي).

ولمعلوميتك: كل أعضاء جسمك حتتوقف عن النمو تماماً… إلا النخرة والأضنين!

وبعدين، ما تتزهج وتشاكل ناس البيت. وما تتمارض وتتشكى كل دقيقة. المشاكل الصحية في السن دي واردة، وفي أوجاع وعاهات صغيرة كده… أكلها في حنانك.

وما تقعد في البيت كتير. حاول أُمرُق لأي سبب، حتى لو تلف في الشارع ساي وترجع.

وكان جو ضيوف لناس البيت، ما تتحكر في نصهم وتحكي بطولاتك وذكرياتك، لأنها بقت مملة وبايخة. ولو رسلوك الدكان أو الفرن، أمشي من سكات. لأن دي حتكون واحدة من مهامك اليومية لحدي ما تجلس نهائي.

وما تتشالق وتنزل ليك كرتونة من راس الدولاب، ولا تركب لمبة. ببساطة، لو جيت واقع — تاني ما بتقوم ليك قايمة في الدنيا دي.

وأوعك تنوم برااك في الأوضة. ولو نمت، خلِّي الباب مفتوح، وكذلك باب الحمام ما تقفلو بالترباس. عشان لو كوركت، الناس يسمعوك ويلحقوك.

وكتر من المشي للجامع، لأنه ده المكان الوحيد الفيهو تقدير لأمثالك.

ولو لاقاك زول من زمن، ما تسلم عليهو باسمو. في الغالب، اسمو راح منك من زماااان.

وما تقعد تبعبص في الموبايل وتلخبطو. أديهو لأي واحد من الشفع، وخليهو يظبطو ليك.

وما تعمل فيها رايح لو سألوك من عمرك.

وأوعك تتوضأ في حوض غسيل اليدين. لأنك لو جيت تغسل كراعك ووقعت، تاني ما بتقوم ليك قايمة. امسح بس.

وتخلّص من بناطلينك وقمصانك وبدلك، وركّز مع الجلاليب، والعراريق، والطواقي، والعمم، والملافح.

وما تقعد كل يوم تلم أصحابك الجلاكين والكوامر في صالون البيت، وشاي وقهوة وجوطة وذكريات. أحسن تخت ليهم كراسي في الشارع وتقعد معاهم، عشان تقللوا من الإزعاج في البيت.

(بمنتهى الحب).


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *