بورتسودان – شبكة_الخبر – تصاعدت خلال الساعات الماضية موجة واسعة من الانتقادات والاحتجاجات الشعبية على منصات التواصل الاجتماعي بشأن أوضاع الحجاج السودانيين في الأراضي المقدسة، وسط اتهامات مباشرة لهيئة الحج والعمرة وبعثتها الرسمية لهذا العام (1446هـ / 2025م) بـ”سوء الإدارة والفساد المالي والتنظيمي”.
وتداول ناشطون سودانيون مقاطع مصورة وصوراً قالوا إنها توثق أوضاعاً “مزرية” لحجاج سودانيين في مشعر منى، من بينها مشاهد للاكتظاظ وسوء الإعاشة وضيق مساحات السكن. كما أطلق بعضهم وسم #فساد_بعثة_الحج على وسائل التواصل، للمطالبة بفتح تحقيق رسمي في ملابسات ما اعتبروه “انتهاكاً لقدسية الشعيرة واستغلالاً مادياً في ظروف استثنائية تمر بها البلاد”.
ورأى ناشطون أن أوضاع الحجاج هذا العام كشفت “عمق الفساد الذي ينهش مؤسسات الدولة، حتى في الملفات الدينية”، متسائلين عما إذا كان صمت الحكومة في بورتسودان على تلك الاتهامات سيتواصل أم أن السلطات ستتحرك للتحقيق.
الهيئة ترد: الاتهامات مضللة.. والخدمات تمت وفق الأنظمة السعودية
في المقابل، أصدرت الهيئة العليا للحج والعمرة بياناً مطولاً، دافعت فيه عن أدائها، ووصفت المعلومات المتداولة بأنها “مضللة وغير دقيقة”، مشيرة إلى أن تنظيم الحج يتم وفق خطة وطنية مجازة من مجلس الوزراء وتخضع لإشراف مجلس السيادة، وبالتنسيق الكامل مع وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية.
وقال البيان إن توزيع المساحات السكنية داخل مشعر منى يخضع لأنظمة سعودية موحدة تطبق على جميع بعثات العالم، ولا يمكن لبعثة السودان التدخل فيها، نافياً أن تكون هناك أي “تجاوزات أو قرارات فردية بشأن ذلك”. كما أكدت الهيئة أن خدمات التغذية تُقدّم من قبل شركات معتمدة، وأن ذبح الهدي يتم حصرياً عبر مشروع الإفادة من الهدي والأضاحي السعودي الرسمي.
أزمة ثقة تتجدد.. وتاريخ من الاتهامات يلاحق البعثات
ليست هذه هي المرة الأولى التي تثار فيها اتهامات بشأن أداء بعثة الحج السودانية. ففي مواسم سابقة، طالت انتقادات شعبية أداء الهيئة، وتركزت حول التلاعب في الرسوم، ضعف الشفافية في اختيار الحجاج، وقصور في ترتيبات الإقامة والنقل، بالإضافة إلى اتهامات بالمحسوبية والفساد المالي.
وتأتي أزمة موسم 2025 في وقت يواجه فيه السودانيون أوضاعاً معيشية وإنسانية غير مسبوقة جراء الحرب المستمرة للعام الثاني، ما يجعل من الحج عبئاً مالياً ثقيلاً على المواطن، الذي يُنظر إليه باعتباره بذل كل ما يستطيع في سبيل أداء الشعيرة الدينية رغم كل المعاناة، ما يزيد من حساسية الملف.
تساؤلات مشروعة في ظل الصمت الرسمي
في ظل هذه التطورات، تتصاعد المطالب بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول ملابسات تنظيم بعثة الحج هذا العام، والتحقق من الاتهامات المتداولة على نطاق واسع، سواء عبر الإعلام أو الوسائط الاجتماعية، في وقت لم يصدر فيه بعد أي تعليق من مؤسسات رقابية أو عدلية مستقلة.
ويؤكد مراقبون أن “فساد بعثة الحج”، إذا ثبتت أي من الاتهامات المرتبطة به، سيكون نموذجاً مصغراً لأزمة أوسع تتعلق بغياب الشفافية والمساءلة في مؤسسات الحكومة المركزية ببورتسودان، خصوصاً في ظل سيادة ما يصفه البعض بـ”نظام الولاء السياسي” في توزيع المسؤوليات داخل أجهزة الدولة.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستفتح الحكومة تحقيقاً جاداً في قضية حجاج السودان، أم أن الصمت سيبقى سيد الموقف كما في مواسم سابقة؟
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.