عثمان ميرغني يكتب : العقوبات الأمريكية..الجديدة كليا..

حديث المدينة السبت 24 مايو 2025
بعد أكثر قليلا من اسبوعين من اندلاع الحرب في السودان صباح السبت 15 ابريل 2023 ، بالتحديد 4 مايو 2023، أصدر الرئيس الأمريكي السابق جو بايدين قرارا تنفيذيا بـ”انفاذ عقوبات على أشخاص محددين يزعزعون استقرار السودان و يقوضون هدف تحول ديموقراطي” أعلن بموجبه أن ما يجري في السودان مهدد للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية، و مدد “حالة الطواريء الوطنية” التي أعلنت ضد السودان العام 1997 في عهد الرئيس كلينتون.
وبدأت أمريكا مسلسل العقوبات بناء على هذا القرار.. في يونيو 2023 صدرت عقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية ضد أربع شركات.. للجيش اثنتين و للدعم السريع مثلهما.
في سبتمبر 2023 فرضت عقوبات على قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو.. ثم توالت عقوبات أخرى على بعض الشخصيات المرتبطة بالحكومة السودانية.. وأخرى مرتبطة بالدعم السريع إلى أن صدرت في يناير 2025 عقوبات ضد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.. ثم بعده بحوالي اسبوعين، طالت العقوبات الرئيس عبد الفتاح البرهان نفسه.
و ببلوغ العقوبات أقصى درجة.. البرهان .. لم يعد للقرار التنفيذي الذي بنيت عليه العقوبات جدوى.. فهو يحصرها في تجميد الأصول والأموال في الولايات المتحدة الأمريكية وحظر السفر إليها.. وغالبية الشخصيات التي شملها القرار ليس لهم أصول أو أموال – ولا يتوقع- في أمريكا.
في شهر يناير 2025 نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا يتهم الجيش السوداني باستخدام الأسلحة الكيمائية في مواقع وصفها بالنائية ولم يحدد المكان و الزمن.. واستند التقرير على تصريحات منسوبة لأربعة من ضباط الجيش الأمريكي دون تسميتهم أو توضيح رتبهم أو خلفياتهم أو علاقتهم بالأسلحة الكيماوية.
لم يترتب على التقرير رد فعل من الحكومة الأمريكية أو حلفائها.. إلى أن صدر أمس الأول قرار وزارة الخارجية الأمريكية الذي يتهم الجيش بخرق اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، و يعلن حزمة عقوبات تطال هذه المرة الدولة السودانية وليس أي شخصيات أو كيانات اقتصادية كما كان عليه الحال طوال عامين منذ اندلاع الحرب.
من الواضح أن الأمر هنا لا يتعلق بأسلحة كيماوية ولا يحزنون.. هي مجرد حجة لرفع سقف العقوبات لتعيد السودان مرة أخرى إلى عهد العزلة الدبلوماسية والاقتصادية.. فيطل السؤال الحتمي، ولماذا؟
لماذا فجأة تتحول العقوبات ضد الدولة السودانية وحدها ولا تطال الدعم السريع كما كان عليه الحال في سلسلة العقوبات السابقة؟
في يوليو 2024 الماضي كتبت هنا أن عزوف الحكومة السودانية عن الانخراط في جولة المفاوضات المقرر عقدها 14 أغسطس 2024 في سويسرا سيكون له ثمن.. سيواجه السودان سلسلة عقوبات وقد تطال الرئيس البرهان نفسه.
و رغم المجهود الكبير الذي يبذله طرفا الوساطة أمريكا والسعودية.. ومصر التي تشارك بصفة مراقب إلا أن البرهان أصر على رفض المشاركة .. ولم تكن الحجج المقدمة من السودان كافية لتبرير هذا الموقف.
هذه الجولة كانت كفيلة بأن تضع الأزمة السودانية في مسار مختلف تماما وتمهد الطريق للخروج من نفق الحرب.
وفي محاولة لمد حبال الصبر وانتظار تغيير موقف الحكومة السودانية تحولت الوساطة إلى “آلية” لمتابعة الأزمة السودانية تنعقد بصورة مستمرة.. ولم يفلخ ذلك أيضا في استعادة الروح للمفاوضات.. وجرت محاولة في اجتماع عقد على هامش مشاركة الرئيس البرهان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك.. وكان يفترض أن يعقد لقاء بين البرهان وبلينكين وزير الخارجية الأمريكي لكن بعد لقاء البرهان والمبعوث الامريكي توم بيريللو .. ألغى اجتماع البرهان-بلينكين.
أخر محاولة من الولايات المتحدة الأمريكية كانت في زيارة للمبعوث الأمريكي توم بيرللو إلى بورتسودان التقى فيها البرهان ولم يصدر بيان بما يعني أنها فشلت في تغيير الموقف من المفاوضات..
لم يمض وقت طويل و صدرت العقوبات على البرهان شخصيا.
بعد اعلان تعيين الدكتور كامل ادريس رئيسا للوزراء من الحكمة أن يتسلم ملف السلام كاملا.. يتفرغ قائد الجيش للعمل العسكري.. الذي يسير موازيا للمفاوضات للوصول إلى الهدف الأعلى.. انهاء الحرب بشروط الشعب والجيش السوداني.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *