عثمان ميرغني يكتب : النيران الصديقة.. مستمرة..

حديث المدينة الأربعاء 21 مايو 2025
أمس كان يوما عظيما في تاريخ الجيش السوداني.. استكمل استعادة آخر منطقة في ولاية الخرطوم بعد معركة حاسمة في منطقة “الصالحة”.. و أكمل أيضا تحرير ولاية النيل الأبيض..

وبذلك تسدل صفحة من التاريخ الدامي القاتم في وسط السودان .. و تتواصل العمليات في كردفان الكبرى ودارفور الكبرى..في المراحل الأربع التي ذكرها السيد مني أركو مناوي حاكم دارفور.
من المفترض ان يكون هذا الحدث ، تحرير ولايت الخرطوم والنيل الأبيض، علامة- اعلامية- فارقة في مسيرة هذه الحـ؛رب الضروس التي تضمنت يومياتها صعود جبال المعنويات والهبوط إلى سفح الاحباط للشعب السوداني بين انتصارات وانتكاسات.. يتابعها الجميع بأمل وصبر وانتظار ولهفة كبيرة..
حتى إذا ما جاءت اللحظة الحاسمة.. لحظة الفرح المتراكم في الصدور في انتظار الموعد.. إذ بالاعلام يشد الانتباه إلى قضية جانبية تكاد تطفيء بريق النصر.
وكتبت هنا كثيرا ان الاعلام علوم وفنون ومهنة تتطلب كثيرا من إعمال العقل والنظرة البصيرة والرؤية الثاقبة .. فهو ليس مجرد أخبار أو تصريحات أو آراء تبذل في المواقع الاسفيرية.. بل لعبة أشبه بالشطرنج تتطلب التحديق في الرقعة جيدا قبل لمس قطعة وتحريكها.. وكلما قال الفنان والشعر الأمريكي جيم موريسون (من يملك الاعلام.. يملك العقول).. فالاعلام فن ادارة العقول..
عندما يتطوع البعض بشد انتباه الجمهور نحو قصص فرعية.. في لحظات كانت أحق بتجيش الوجدان ورفع الروح المعنوية وبث الأمل لقهر الألم.. فإن ذلك يبدو أشبه بركل الكرة في مرمى الفريق لا الخصم..
صحيح وسائط التواصل الاجتماعي ضاجّة كالسيل بكثير من الزبد.. لكن الأصح أن العقول الاعلامية القديرة تعرف وتدرك جيدا كيف توجه المياه المندفعة لتكون في المجري الصحيح.. بدلا من دفعها أكثر في المسار الخطأ.. لتدمر أكثر مما تعمر.
في أسابيع الحـ؛رب الاولى.. لفت نظري في المجموعات الاسفيرية الداعمة للجيش.. كثرة تردادهم لأسماء تبدو غربية على الأذن في رنينها.. وأكثر غرابة في كونها أتت من المجهول.. وفي ظل التوهان الاعلامي والانجراف العفوي في بث وتداول الأخبار.. بدأت الأقلام الاعلامية الداعمة للجيش تسلط أضواء باهرة على تحركات هذه القيادات العسكرية التابعة للدعم السريع.. كتبت منبها أن ما يفعلونه هو ضرب من صنع النجومية العسكرية .. وتسآلت لماذا لا يعلم الشارع بأسماء وشخصيات عسكرية كثيرة من الجيش أبلوا وحققوا انتصارات باهرة بينما تبدو أسماء القيادات الميدانية للدعم السريع أكثر انتشارا في الميديا.
كان ذلك واحدا من صنائع الاعلام العشوائي.. الذي يصنع النجوم حيث يجب أن يكون الظلام دون أن يدري أنه يفعل ذلك..
هذا الامر تكرر كثيرا وبمختلف الطرق.. تتنوع القصص الخبرية والنتيجة واحدة هي أنها تطلق الرصاص في الاتجاه المعاكس..
ليست نيرانا صديقة.. بل جهولة..

نقلا عن صحيفة التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *