الخرطوم – شبكة_الخبر – في خطوة مفاجئة، كسر أحمد محمد هارون، أحد أبرز قادة النظام السابق والمطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، صمته بإصدار بيان سياسي علني يؤيد فيه تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء، مشيدًا بجهود الجيش ومجلس السيادة في “إعادة ترتيب البيت الوطني”. البيان، الصادر باسم “رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول”، يُعد أول ظهور سياسي لافت لهارون منذ الإطاحة بنظام البشير، ويطرح تساؤلات حرجة حول ما إذا كان الحزب المحلول يحاول التسلل مجددًا إلى المشهد السياسي من خلال الاصطفاف خلف السلطة العسكرية.
مضامين البيان: دعم وتأكيد على اصطفاف كامل
هارون وصف تعيين إدريس بأنه “خطوة مهمة في إعادة ترتيب البيت الوطني الداخلي”، معتبراً أن ذلك سيُمكن مجلس السيادة وقيادة الجيش من “الاضطلاع بمهامها الجسيمة”، لا سيما في “استكمال نصر الجيش” ومعالجة آثار الحرب على المواطنين.
وفي لهجة توفيقية، دعا هارون إلى التكاتف الوطني، مؤكدًا أن “كل أبناء السودان الذين يقفون في الموقف الوطني الصحيح مؤهلون لأداء الواجب”، في ما بدا إشارة مبطنة إلى إعادة تأهيل عناصر النظام السابق في المشهد الوطني الجديد.
وختم بيانه بالدعاء والتمنيات للدكتور كامل إدريس بالتوفيق، واصفًا إياه بأنه “سوداني، كفاءة وطنية مستقلة، يقف في الموقف الصحيح من التحدي الوطني”.
شخصية مثيرة للجدل في لحظة فارقة
أحمد هارون لا يُعد سياسيًا عاديًا في الذاكرة الوطنية أو في نظر المجتمع الدولي؛ فقد أُدرج اسمه على لائحة المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2007 بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، وشغل مناصب رفيعة في نظام البشير، أبرزها وزير الدولة للداخلية، ووالي جنوب كردفان وولاية شمال كردفان، قبل أن يُعتبر أحد “صقور النظام”.
وعلى الرغم من صدور عدة مطالبات دولية ومحلية بتسليمه إلى لاهاي، ظل هارون حبيس الظل، يُقال إنه يعيش في حماية بعض القوات الموالية للنظام السابق، دون أي ظهور علني منذ سقوط البشير، حتى بيانه الأخير.
رسائل سياسية مشفّرة أم محاولة للعودة؟
بيان هارون أعاد طرح تساؤلات قديمة-جديدة حول مصير حزب المؤتمر الوطني، الذي تم حظره رسميًا بعد الثورة، لكنه لا يزال يتحرك في الخفاء عبر رموزه وشبكاته. ويبدو أن لغة البيان، التي تركز على “الجيش”، و”التحدي الوطني”، و”الصف الوطني”، تستبطن محاولة لإعادة تقديم الحزب كتيار وطني مؤهل للمشاركة في المرحلة القادمة، خاصة في حال استمرار هيمنة الجيش على مفاصل السلطة.
خلف الصمت الشعبي والرفض الثوري
البيان لم يمر مرور الكرام في منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من استنكر ظهور هارون ووصفه بـ”استفزاز لضحايا الحرب والعدالة”، ومن قرأ في بيانه اعترافًا ضمنيًا بالدور المركزي للجيش في المشهد القادم، ورغبة واضحة في التماهي معه.
غير أن مؤسسات الثورة والمجتمع المدني لم تُعلّق رسميًا حتى اللحظة، ما يعكس ربما حذرًا أو رغبة في تجنّب إثارة الجدل حول شخصية تُعد من أكثر رموز النظام السابق إثارة للانقسام.
سيناريوهات مفتوحة في زمن الانهيار وإعادة التشكّل
في ظل تعقيدات المرحلة الانتقالية، وتراجع دور القوى المدنية، وعودة الخطاب العسكري إلى الواجهة، فإن ظهور أحمد هارون بهذه الصيغة لا يمكن فصله عن محاولات إعادة تشكيل المشهد وفق توازنات جديدة، قد تحمل في طيّاتها مفاجآت أكثر جرأة في مقبل الأيام.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.