اختطاف الفجر في نجامينا.. ماسرا في قبضة الأمن

دولية ـشبكة_الخبر ـ  في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، وبينما كانت شوارع العاصمة التشادية نجامينا لا تزال تغطّ في هدوء الفجر، كان مشهد غير اعتيادي يحدث أمام منزل بسيط يتحوّل في لحظات إلى بؤرة للأنظار. عشرات المسلحين بلباس عسكري أحاطوا بالمكان، قبل أن تلتقط كاميرات المراقبة لحظة خروج رجل بملامح هادئة رغم التوتر الظاهر، محاطًا بالقوة العسكرية.

الرجل هو سوكسي ماسرا، رئيس الوزراء السابق وأحد أبرز الوجوه المعارضة في تشاد.

لم تكن تلك لحظة اعتقال عادية. حزب “المحولون” الذي أسسه ماسرا، وصف ما حدث بـ”الاختطاف المسلح”، مؤكدًا أن رئيسه تم اقتياده تحت تهديد السلاح من منزله الذي يُستخدم أيضًا كمقر للحزب. كانت الساعة تشير إلى 05:56 صباحًا، حين أُغلقت أبواب الحرية أمام رجل اعتاد مواجهة السلطة بالكلمات، لا بالسلاح.

ماسرا، الذي لا يتجاوز عمره 41 عامًا، خاض تجربة فريدة في المشهد السياسي التشادي. خريج الاقتصاد من فرنسا والكاميرون، صعد سريعًا في الحياة العامة، فعيّنه المجلس العسكري رئيسًا للوزراء خلال المرحلة الانتقالية. لكنه لم يكتف بالمنصب؛ قرر خوض غمار المنافسة في انتخابات 2024 ضد الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو، نجل الرئيس الراحل، في واحدة من أكثر السباقات الانتخابية إثارة في تاريخ تشاد الحديث.

رغم حلوله في المرتبة الثالثة وفق النتائج الرسمية، أعلن ماسرا بادئ الأمر فوزه، قبل أن يتراجع ويعلن “قبوله بالنتائج رغم عورها”، في موقف عكس مزيجًا من الواقعية السياسية والاحتجاج الرمزي.

اليوم، وبعد عام واحد فقط من تلك الانتخابات، يجد ماسرا نفسه معتقلاً. المدعي العام عمر محمد كيديلاي أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن الشرطة القضائية هي من نفذت التوقيف، واعدًا بمؤتمر صحفي لتقديم التفاصيل. لكن الصمت الرسمي لا يزال يلف دوافع الاعتقال الحقيقية، ويترك الباب مفتوحًا أمام سيناريوهات تتراوح بين تصفية الحسابات السياسية، أو استعداد السلطة لموجة جديدة من التضييق على المعارضة.

في الخلفية، تتصاعد الأحداث في الجنوب، حيث أعلنت الحكومة عن مقتل 35 شخصًا في أعمال عنف بإقليم لوغون الغربي، مما يعكس هشاشة المشهد الأمني والسياسي في آنٍ معًا.

تشاد التي خرجت لتوها من مرحلة انتقالية بدأت بمقتل الرئيس إدريس ديبي عام 2021، تبدو وكأنها عالقة بين أمواج الطموحات السياسية والأيدي التي لا تزال تمسك بالبندقية. أما ماسرا، الرجل الذي حلم بالتغيير عبر صناديق الاقتراع، فيجد نفسه اليوم حبيس زنزانة.. أو ربما ساحة معركة جديدة.

 

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *