الفاشر _ شبكة _ الخبر ـ في ساعة مبكرة من مساء الجمعة، لم تكن أسرة عبد الله سالم تعلم أن ليلتها ستكون الأخيرة، وأن القصف العنيف الذي دوّى في سماء الفاشر لن يترك خلفه إلا الصمت والرماد.
عشرة أرواح، تتقدمهم الأم بخت، وجدّتهم، وثمانية أطفال تتفاوت أعمارهم بين الخطوات الأولى والمقاعد الدراسية، قضوا جميعاً في لحظة واحدة داخل منزلهم المتواضع بمعسكر أبوشوك للنازحين. القذيفة لم تميّز بين صغير وكبير، ولا بين حائط وسرير، كل شيء تهدم، وكل صوت خمد.
في بيان حزين، أعلنت غرفة طوارئ المعسكر عن استشهاد 14 مدنياً جراء القصف المدفعي الكثيف الذي نفذته قوات الدعم السريع على المعسكر وأحياء بمدينة الفاشر. من بين الشهداء، أربعة مدنيين آخرين سقطوا في أماكن متفرقة، بينما نُقل عدد من الجرحى إلى المستشفى في حالة حرجة.
تصف الغرفة القصف بأنه الأعنف منذ شهور، واستخدمت فيه المدفعية الثقيلة التي وُجهت نحو منطقة مدنية يقطنها الآلاف من الفارين من الحروب السابقة، والذين كانوا يظنون أن المعسكر قد يوفر لهم حداً أدنى من الأمان.
لكن الفاشر، التي باتت تتنفس على وقع القذائف، لم تعد قادرة على توفير مأوى أو طمأنينة لأحد. ومن بين تلك التلال المحيطة بالمدينة، يُطل الخوف في كل مساء، ويرتسم في وجوه الأمهات وصرخات الأطفال، وأمام أطلال منزل عبد الله سالم، تروي الركام والأشلاء حكاية موتٍ جماعي لن تمحوه الأيام.
في صمت موجع، وقفت فرق الطوارئ أمام الحفرة التي كانت بيتاً، تحاول انتشال ما يمكن من الأجساد، وما تبقّى من كرامة الإنسانية في زمن الحرب. وبينما ارتفعت أكفّ الدعاء في وداع الشهداء، ظل السؤال يتردد في الأذهان: من ينقذ الفاشر من موتها اليومي؟ ومن يمنع تكرار الفاجعة القادمة؟
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.