البرهان يعلن نهاية “المجد للساتك”: هل أغلق الجيش باب الثورة نهائياً؟

الخرطوم ـ شبكة_الخبر  ـ في خطاب مثير للجدل، فجّر القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، عاصفة من الغضب الشعبي والسياسي، بإعلانه انتهاء مرحلة التغيير السلمي، وقوله إن “المجد صار للبندقية”، في إشارة حملت تهكماً صريحاً على شعار “المجد للساتك” الذي ارتبط باحتجاجات الثورة الشعبية. تصريحات البرهان، التي أُطلقت من بورتسودان، جاءت لتكشف عن تحوّل حاد في الخطاب العسكري، يُقصي القوى المدنية من المشهد، ويكرّس شرعية السلاح على حساب شرعية الجماهير.

البندقية فوق الشارع

قال البرهان في خطابه إن زمن إغلاق الطرق وإشعال الإطارات قد ولى، مشيراً إلى أن “المجد أصبح للبندقية وحدها”، في تجاهل كامل لما مثّلته تلك الأدوات من رموز سلمية أطاحت بثلاثة أنظمة عسكرية منذ استقلال السودان. ولم تمر كلماته مرور الكرام، بل أشعلت المنصات الرقمية بحملة رفض واسعة، اعتبرها مراقبون “انتفاضة إلكترونية” استحضرت روح ديسمبر، وشعاراتها، وأدواتها النضالية.

“الساتك” أيقونة المقاومة

منذ ثورة ديسمبر، أصبحت إطارات السيارات المحترقة (الساتك) رمزاً للمواجهة الشعبية ضد الاستبداد، تُستخدم كمتاريس نارية تعطل تقدم الأجهزة الأمنية. وردد الثوار شعارات مثل “المجد للساتك”، تعبيراً عن تمجيد المقاومة السلمية التي أطاحت بنظام البشير، ولاحقاً قاومت انقلاب 25 أكتوبر 2021.

واشتهر رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير بعبارة “المجد للشوارع”، في تأكيد على أن شرعية الثورة تنبع من الجماهير، لا من فوهة البندقية.

ثوار الساحات.. وثوار البنادق؟

مع اشتداد الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، حمل بعض شباب الثورة السلاح إلى جانب الجيش، تحت ذريعة الدفاع عن الوطن، لكنهم لم يصمتوا إزاء تصريحات البرهان. وخرج بعضهم عبر وسائل التواصل ليردوا: “نحن الثورة ونحن القوة”، مؤكدين أن مشاركتهم في الحرب لا تعني التخلي عن شعارات ديسمبر.

السخرية من الشارع… وصوت الجماهير

وصفت لجان المقاومة خطاب البرهان بأنه “سخرية من الثورة واستهزاء بالشهداء”، وأكدت تنسيقيات مثل لجان أم درمان وديوم الشرقية أن “المتاريس والساتك” هي من صنعت للبرهان مجداً لا يستحقه. أما نائب الأمين العام للحركة الشعبية – التيار الثوري، ياسر عرمان، فقد قال بوضوح: “المجد للساتك، لا لحرب أبريل”، مضيفاً أن البرهان لا يخشى البندقية لأنها أداته، لكنه يخاف صوت الجماهير الذي لا يُقهر.

ثورة تتحدى الإقصاء

من أكتوبر 1964، إلى أبريل 1985، وحتى ديسمبر 2018، ظل السودانيون يبتكرون وسائل المقاومة السلمية، ويحفرون طريق التغيير بدمائهم، لا برصاص بنادقهم. واليوم، ورغم الحرب، تثبت ردود الأفعال على خطاب البرهان أن ذاكرة الثورة لا تموت، وأن المتاريس، واللساتك، والشوارع، ما زالت أقوى من أي جنرال.

هل التصريحات زلة لسان

تصريحات البرهان ليست مجرد زلة لسان، بل تكشف عن مشروع سياسي يُراهن على السلاح ويقصي الحاضنة الشعبية للثورة. لكن الرد الشعبي العارم يذكّر بأن “المجد للساتك” ليس مجرد شعار، بل تعبير عن وعي جمعي يرى في السلمية قوة لا تُهزم. الثورة السودانية، كما أثبتت ثلاث مرات في التاريخ، لا تموت، بل تنتظر لحظتها لتنفجر من جديد.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *