عثمان ميرغني يكتب : أطول عملية انزال في التاريخ

حديث المدينة السبت 26 أبريل 2025

(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ) النور “35”.

من الله تستمد المعرفة والادراك.. “الله نور السماوات والأرض”
ننظر لهذا “النور” من خلال هذه اللوحة.. رباعية الأبعاد.
اللوحة.. تتكون من: كوة “نافذة” فيها مصباح..
المصباح مغطى بزجاجة من فرط شفافيتها.. النور ينبعث منها كأنها كوكب يتلألأ..
حتى هنا الصورة ثلاثية الأبعاد..
ثم يظهر البعد الرابع.. الزمن..
الزمن الـ”لا” نهائي.
المصباح “يوقد” من مصدر طاقة لا نهائي .
من شجرة مباركة.. زيتونة.. لا شرقية ولا غربية..
لا شرقية ولا غربية.. بلا مكان أو زمان.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) (16)”مريم”
كيف يكون المكان شرقيا أو غربيا؟ إن لم تتوفر مرجعية القياس.
البعد الثاني هو الاتجاهات .. الشرق جهة من الجهات الأربع.. الشمال والجنوب…والشرق والغرب.
لكن “شرق” ليس قيمة مطلقة.. فالأرض كروية.. أي مكان فيها شرق، حتى ولو أقصى الغرب.
تحديد أي موقع يحتاج مرجعية موقع آخر.
شرق السودان مثلا.. شرق آسيا.. شرق أوروبا.. ألمانيا الشرقية لأنها شرق الغربية.
والشاعر أحمد شوقي له أيضا ِ”شرق”..
(نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ دارًا
وَلَكِن كُلُّنا في الهَمِّ شَرقُ)
حتى في خارطة “الهم” وجد شوقي مكانا شرقيا.
في السياسة الدولية ثلاث مواضع للشرق..
الشرق الأدنى.. والشرق الأوسط.. والشرق الأقصى..
والمستشرق هو من يدرس ثقافات الشرق.. لكن الشرق هنا مرجعية حددها “الغرب” الثقافي.
مرجعية القوى التي تسيطر على العالم.. في الغرب..
الشرق الأدني هو الأقرب إلي هذه القوى المسيطرة.. و الشرق الأوسط.. ثم الشرق الأقصى الأبعد منها رغم قربه إذا كان الاتجاه من الكرة الأرضية عكس دورانها.
الكرة الأرضية تدور من الغرب إلى الشرق إذا كان مرجع النظر من القطب الشمالي.
أي تدور من المحيط الاطلنطي نحو المحيط الهندي ثم المحيط الهادي.
بالاتجاه الذي يجعل الشمس “تشرق” في الشرق.. و تغرب في الغرب..
لكن مع حركة شروق الشمس في أرجاء العالم يتغير الوضع باستمرار..
عندما تشرق الشمس في الهند فهي تشرق من غرب دول كثيرة أخرى..
عندما تشرق الشمس في دارفور.. فهي تشرق من الغرب.. بمرجعية خارطة السودان.
و عندما تشرق في نيويورك فهو غروبنا نحن في السودان.
(يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) النور “35”
لا شرقية ولا غربية.. سقطت المرجعية.
لا شرقها شيء.. ولا غربها.. فهي متفردة قائمة بذاتها بلا مرجعية تحدد موقعها.
فلا هي شرقية.. شرق أي جسم .. ولا غربية.. غرب أي جسم.. فهي حيث لا حيث..
خارج البعد الثاني.. وبالتالي خارج البعد الثالث.. ويقينا هي بذلك خارج البعد الرابع.. الزمن.
الصورة المركبة تجاوزت الزمكانية.. الزمان والمكان.

الكلمات المفتاحية ثلاث.. نور – يوقد – نار.
نور بلا زمكان.. بلا حدود.. يوقد بلا نهاية.. ولو لم تمسسه نار.
من الله تستمد المعرفة والادراك.. “الله نور السماوات والأرض”

(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ..)
النور هو المعرفة والادارك ..
المعرفة والادارك.. عطاء الهي .. يشع من حيث لا حيث.. خارج البعد الثالث.. ويمتد خارج البعد الرابع.. بلا نهاية.
هو نور الله.. الذي يتنزل.. Download.
(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) التوبة “32”
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) الصف “8”
في الأولى (يأبى الله إلا أن يتم نوره) ثم الثانية (والله متم نوره).. المعرفة والادراك تتنزل.. بقدر محسوب مستمر سرمدي.. غير قابل للمقاطعة.
(فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) الزمر “22”
(وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) الشورى “52”.
(فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) التغابن “8”
والنور الذي أنزلنا.. Download.
أطول عملية انزال في التاريخ.. من أول الأنبياء إلى آخرهم.. ثم يستمر العطاء بالانزال المشروط أو المتدرج حسب مقتضيات الزمن والعضر.
المعرفة والادارك.. ليست هي “المعلومات”.. فقد يعلم الانسان دون أن يعرف أو يدرك..
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ) النور “35”

نقاا عن صحيفة  التيار