بريق أوروبا و ظلام السودان: التعصب.. حين يخنق الفرح!

بقلم – نجلاء نورين

احتضن ميكيل أرتيتا، مدرب أرسنال، نجم ريال مدريد، إبراهيم دياز، في مشهد عابر بملعب السنتياغو برنابيو أمس الأول في مباراة ربع نهائي كأس أبطال أمم أوروبا، كانت لقطة عفوية، لكنها اختزلت فلسفة مغايرة لكرة القدم و شرحت نظرة فيها المتعة والرياضة قبل أي شيء آخر. هذا التعامل الأوروبي الراقي، الذي يعكس الفن والإثارة في اللعبة، يقف على النقيض تمامًا مع ما نشاهده في ساحاتنا السودانية، حيث يتحول تشجيع الفرق الأوروبية والعالمية إلى ساحة حرب افتراضية، تغذيها الكراهية للفريق المنافس أكثر من الحب للفريق الصديق!

هذا التعصب الأعمى الذي يستنسخه السودانيون من حماس كرة القدم، يكشف عن خلل عميق في طريقة تعاملنا مع أبسط مباهج الحياة. نحولها إلى وقود للعنف والطاقة السلبية، هي حالة مرضية تستعصي على العلاج! إنها مرآة تعكس هشاشة قدرتنا على تقبل الآخر، وتفسر كيف وصلنا إلى أتون حرب مدمرة، حيث تتفوق عندنا لغة الكراهية على كل منطق وعقلانية.

لا يمكن عزل هذا السلوك المتعصب عن جذور الأزمة في السودان. إنه يعكس اللا منطق و التعصب الأعمى في تناول قضايا الحياة، و السطحية في فهم أسباب النعيم ومتع الدنيا. فبدلًا من استلهام جمال اللعبة وروحها الرياضية، نستورد تعصبها الأعمى وعدوانيتها المجانية، ونسقطها على واقعنا المشحون بالانقسامات!

ما يحتاجه السودانيون ليس وصفات سياسية، بل صحوة ضمير جماعية! نحتاج إلى إعادة تعريف مفهوم المتعة في حياتنا، وفصلها عن التعصب والكراهية. نحتاج إلى أن نتعلم كيف نختلف دون أن نتحارب، وكيف نحب فريقنا دون أن نكره الآخر. وحدها هذه المصالحة مع الذات ومع الآخر كفيلة بفتح طريق نحو التعافي والسلام، طريق يبدأ بالاعتراف بمرض التعصب الذي ينخر في جسد مجتمعنا، وينتهي بتقبل الاختلاف كقوة لا كتهديد، و كأخوة و ثروة و رصيد!

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *