عثمان ميرغني يكتب : ورشة واحدة تكفي

حديث المدينة – الأربعاء 20 مارس 2025 

[email protected]

أمس، لم أقصد البتة السخرية أو التقليل من الآخرين وتفكيرهم عندما نشرت توصيات ورشة عمل “تمكين الشباب”، التي جاءت ضمن 16 ورشة عمل حددتها وثيقة القوى السياسية المجتمعة في بورتسودان. كل ما أردت إيصاله – ولله الحمد قد وصل – هو أن بلادنا وشعبنا ينظرون وينتظرون، والثواني تتحول إلى جمرات في دمي، للخروج من نفق الأزمة وبدء مرحلة النهضة التي يستحقونها. ورشٌ مثل هذه، التي تتحاور حول مسلمات لتصل إلى توصيات معروفة سلفًا، ستكون مضيعة للوقت والجهد والمال، بل وأكثر من ذلك، ستزيد من الإحباط حين يرى الشعب الساسة منشغلين بجدل بيزنطي عقيم.
ولأبرهن على قوة فكرتي، أضع أمامكم فكرة ورشة عمل واحدة متفردة، هي التي تستحق فعلًا أن تُنجز وبأولوية قصوى، لأنها تصل إلى نتائج ملموسة – وليست مجرد توصيات عمومية – وتحدث تغييرًا في المشهد يفتح بوابة الخروج من نفق الأزمة. القضايا المطروحة في الـ16 ورشة عمل، معظمها بنود تتطلب إصدار تشريعات من الجهاز التشريعي وسياسات من مؤسسات الدولة. ولهذا، من الحكمة تأجيل النظر فيها إلى حين تشكيل البرلمان وباقي مؤسسات الدولة التي من مهامها معالجة هذه القضايا.
بهذا المنطق، فإن ورشة العمل الوحيدة المتفردة التي يجب أن تُعقد بأسرع وقت وبأوسع مشاركة هي ورشة عمل تكوين “المجلس التشريعي”. هذه الورشة لن تخرج منها توصيات فحسب، بل اتفاق سياسي على طريقة توزيع مقاعد البرلمان وعددها، مع وضع لائحة مبدئية لانطلاق عمل البرلمان إلى حين إقراره لقانونه ولوائحه المنظمة لأعماله. ومن مهام البرلمان المتوقعة اختيار رئيس الوزراء، ثم الموافقة على قائمة الوزراء التي يختارها أو رفضها.
تكمن أهمية هذه الورشة في كونها ستكون الزناد الذي يشعل الشعلة الأولمبية، لتبدأ منها مسيرة صناعة الدولة السودانية الحديثة. وبدلًا من توصيات حول “تمكين الشباب”، كما هو مقترح في الورشة التي تكفلتُ بكتابة توصياتها، سيصدر البرلمان التشريعات اللازمة التي تحول تلك التوصيات المتخيلة إلى نتائج واقعية.
حساب الوقت أصبح مصيريًا، ليس فقط لإنقاذ الدولة السودانية من أسوأ السيناريوهات المختبئة خلف ستار المستقبل، بل أيضًا للتعجيل بمصالح ومكاسب هائلة تنتظر الشعب السوداني حالما تستقر الدولة وتبدأ مرحلة النهضة الحقيقية، بعيدًا عن الصراعات السياسية العبثية الغبية.
بكل صدق، أقدم نصيحة غالية للقوى السياسية التي اجتمعت في بورتسودان ووضعت مسودة خارطة طريق سياسية: خذوا برأيي هذا. نحتاج ورشة عمل واحدة فقط، تشارك فيها كل القوى السياسية من الداخل والخارج، بجانب قطاعات أخرى غير منضوية تحت اللافتات السياسية، لتخرج بتشكيل البرلمان الذي يتولى بعد ذلك مهامه الدستورية والتشريعية لرسم مستقبل البلاد.

نقلا عن – صحيفة التيار

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *