إبراهيم شقلاوي يكتب : – فك الحصار عن مدينة الأبيض “بين الجبلين ركزنا رجال”؟ .

وجه الحقيقة

في تحول استراتيجي مهم و محسوب بحسابات قرب انتهاء الحرب والذي يأتي ضمن عمليات القوات المسلحة السودانية الكاسحة في عدد من محاور القتال نجحت وحدات الجيش السوداني في تحقيق تقدم نوعي بفك الحصار عن مدينة الأبيض بعد التحام متحرك “الشهيد الصياد” القادم من ولاية النيل الأبيض مع متحرك “أسود الهجانة” المتمركز في شمال كردفان هذا التطور الذي لخص عمليات واسعة جرت خلال الفترة الماضية، يمثل نقطة تحول فارقة في مسار العمليات العسكرية الجارية إذ يعزز قدرة الجيش على استعادة السيطرة على المناطق الاستراتيجية ويمهد الطريق لتحرير دارفور بالكامل.

العملية العسكرية التي حملت اسم “بين الجبلين ركزنا رجال” تضمنت عدة رسائل تكتيكية واستراتيجية أبرزها استعادة السيطرة على البنية التحتية الاستراتيجية المتعلقة بالاتصال والإمداد بجانب تأمين مطار الأبيض وتشغيله بفعالية مما يعزز قدرة الجيش على دعم عملياته في كافة مناطق الغرب والجنوب ويفتح المجال أمام الإمدادات العسكرية واللوجستية ويزيد من فاعلية الطيران في حسم معركة الفاشر.

كذلك فتح “طريق الصادرات الابيض ام درمان ” للبضائع الذي يربط مناطق الإنتاج بالمراكز التجارية مما يسهم في استعادة النشاط الاقتصادي بعد شهور من العزلة بجانب إغلاقه أمام أي انسحابات محتملة للمليشيا من معركة الخرطوم التي باتت خياراتها محصورة بين الاستسلام أو الموت.

كذلك يعني تأمين أم درمان من الناحية الغربية مما يضعف قدرة المليشيا على التحرك بين مناطق نفوذها ويفقدها القدرة على إعادة الانتشار، ان التضييق على مليشيا الدعم السريع في هذا المحور يعني قطع شريان الحياة بجانب قطع طرق الإمداد والهروب او الانسحاب.

سيطرة القوات المسلحة على سلسلة جبال الأبيض تعني إحكام القبضة على ممرات استراتيجية كانت تستخدمها المليشيا للتمركز وإعادة التموضع بجانب ضرب شبكة الاتصالات التي كانت تتحكم من خلالها في حركة قواتها، بالاضافة الي تعزيز قدرة الجيش على توسيع عملياته باتجاه العمق الجغرافي لمليشيا الدعم السريع في دارفور مما يعني إضعاف حصار الفاشر إغلاق طريق بارا – أم درمان بشكل كامل وهو أحد آخر المسارات المتبقية للمليشيا مما يدفعها إلى خيارين لا ثالث لهما الاستسلام أو المواجهة الحتمية

إعادة ربط المحاور العسكرية بين النيل الأبيض وكردفان خاصة أن الجيش في محور آخر قد أكمل تحرير مدينة القطينة دخولا الي جبل اوليا، مما يسهل تنسيق العمليات الهجومية ويدعم زخم الجيش في التقدم باتجاه معاقل المليشيا المتبقية استعادة السيطرة على القطينة وجبل أولياء يمثل خطوة متقدمة في إحكام الطوق على المليشيا وقطع أي إمدادات محتملة.

هذه العملية تعني ان المدنيون في الأبيض يتنفسون الحرية بعد عامين من الحصار حيث انطلقت الاحتفالات والمسيرات الجماهيرية تأكيدًا على أهمية هذا النصر الميداني تأمين طريق الإمدادات الإنسانية مما يسمح بوصول المساعدات الضرورية للسكان المحاصرين

ما تحقق على الأرض لا يمثل فقط نجاحًا تكتيكيًا بل يعكس تحولًا استراتيجيًا في نهج العمليات العسكرية حيث بات الجيش يعتمد على تحركات متزامنة ومنسقة لتوسيع نطاق سيطرته وإضعاف المليشيا بشكل ممنهج فك الحصار عن الأبيض ليس مجرد انتصار ميداني بل خطوة في سياق استراتيجية شاملة تهدف إلى استعادة السيطرة الكاملة على البلاد وتأمين السيادة الوطنية والقضاء على تهديدات المليشيات المسلحة المرحلة القادمة قد تشهد تسارع العمليات نحو تحرير دارفور بالكامل مع استمرار الضغط العسكري على جيوب المقاومة المتبقية

لذلك وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة فإن النصر العسكري لا يتحقق فقط بالسيطرة على المدن بل بفرض واقع جديد يعيد التوازن لصالح الدولة الوطنية ويؤسس لاستقرار دائم ويبسط الأمن ويستعيد السلام للسودانيين.

 

الأحد 23 فبراير 2025 م
[email protected]


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *