عثمان ميرغني يكتب : صورية المؤسسات..

حديث المدينة – الخميس 20 فبراير 2025

اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء في جلسة واحدة، أجاز اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء أربعة قوانين كبيرة: الوثيقة الدستورية، قانون الإجراءات الجنائية، قانون الشركات، وقانون الاستثمار. ربما كان ذلك باستخدام “الذكاء الاصطناعي”… فـ “الطب اتطور”.

خلال الفترة الانتقالية في عهد حكومتي حمدوك الأولى والثانية، التقيت في مناسبات مختلفة بثلاثة وزراء. سألتهم عن القوانين التي يجيزها الاجتماع المشترك لمجلس السيادة والوزراء، فأجمع الثلاثة أنهم لا يجدون حتى الوقت الكافي لقراءة القوانين المعروضة عليهم. مجرد قراءة سريعة، وليس للتمحيص والنظر في الثقوب المحتملة. بل أن أحدهم قال لي: “أكثر من مرة ثبت وجود أخطاء جسيمة في القانون بعد إجازته مباشرة”.

لكن المثير للدهشة أكثر هو قرار الاجتماع تكوين “لجنة لدراسة الموقف من كينيا” في ضوء استضافتها لحفل تدشين “الوثيقة التأسيسية” للمجموعة المتحالفة مع التمرد التي تنوي إعلان حكومة موازية في مناطق سيطرة التمرد.

لا أعلم ما هي الحيثيات التي بني عليها هذا القرار. أين وزارة الخارجية؟ هذا من صميم عمل الدبلوماسية السودانية. كان يجب تكوين فريق عمل لبحث الأمر ودعم القرار الوطني بمجموعة من الخيارات حتى يستطيع السودان التصرف بأفضل صورة ممكنة تحقق مصالحه وتدفع الضرر عنه.

الاجتماع المشترك للمجلسين هو بمثابة “مجلس تشريعي” حسب الوثيقة الدستورية التي يعمل بها عند الطلب، وينظر في قضايا فوق التنفيذية، ذات أبعاد قانونية بعيدة المدى قد لا ترتبط بالراهن مباشرة.

عندما يصدر مثل هذا الاجتماع قرارًا بتكوين لجنة لدراسة أمر من صميم عمل وزارة تنفيذية، فهو علاوة على إضعافه للوزارة المعنية وإرباكه للعمل، يعقد المسألة بأن إجراءات تكوين لجنة تخضع للاجتماع المشترك للمجلسين. ثم عملها ورفع تقاريرها تصبح أمراً مليئًا بالكثير من التعاريج غير الضرورية، وقد يتصادم مع عمل مناظر تؤديه وزارة الخارجية.

عندما حدثت المتغيرات الدولية الأخيرة، مثل تغيير النظام في سوريا ثم وصول ترامب إلى البيت الأبيض، كتبت أنصح وزير الخارجية أن يتبنى أسلوب فرق العمل التي تبحث مثل هذه المتغيرات الكونية لتهيئة الخيارات أمام متخذ القرار، حتى تتبنى الدولة مسلكًا مؤسسيًا في دورة صناعة القرار.

الأمر لا يحتاج حتى لمجرد توجيه من مجلس السيادة ولا من مجلس الوزراء ولا من الاجتماع المشترك بينهما. من الحكمة أن يكون ذلك من صميم عمل الوزارات، وهنا بالطبع المقصود وزارة الخارجية، أن تشكل فرق العمل المتخصصة لدعم صناعة القرار برؤى وخيارات وليدة عقول متخصصة خبيرة.

لا أعلم ما هي المعضلة في أن نكون دولة حقيقية مثل باقي الدول، يصنع القرار عبر دورة لائحية حقيقية واجتماعات مؤسسية وليست صورية.

ما هي المشكلة في أن نصنع حكمًا رشيدًا محكومًا باللوائح والنظم؟
من المتضرر من وجود دولة مؤسسات حقيقية؟

نقلا عن –  #صحيفة _التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *