ترامب … وضع العربة أمام الحصان !

الأحد ، 2 فبراير 2025
بقلم/ بابكر عيسى أحمد

يا أبطال غزة علمونا الجسارة والجدارة … علمونا الشهامة والكرامة … علمونا الصمود وعدم الانكسار … علمونا أن الحياة بلا كرامة وبلا وطن لا تسوى شيئاً … علمونا أن الإنسان يمكن أن يشقى وأن يعاني وأن يتعرض لجميع صنوف العنف والقتل والقذف والتدمير ولكنه يظل واقفاً وصامداً ومقاوماً لأن إرادة الحياة لا تنكسر فوق صدور الرجال الأقوياء والشرفاء الذين يؤمنون أن مهر الحرية هو الدم … رغم تصاعد أرقام الشهداء والجرحى والمعوقين … ورغم دمار الحجر والبشر واقتلاع الحياة من عيون الأطفال الرائعين ظل الصمود والبسالة هي العنوان لمرحلة نضالية قاسية ومؤلمة امتدت لأكثر من 15 شهراً.
إنها الهزيمة للجيش الذي لا يقهر وللبرابرة الجدد الذين استخدموا أحط الوسائل وأبشعها لكسر إرادة أهل “غزة العزة” … في الشتاء القارص والأهوية والأعاصير والعواصف استخدموا سلاح التجويع لإفقار الشعب الغني بالعزة وفعلوا كل ما يمكن أن يخطر أو لا يخطر على بال بشر حيث دمروا المدارس والمستشفيات والمشافي وحرموا الجرحى من العلاج والدواء … رغم كل الجرائم اللإنسانية والتطهير العرقي ظل الصمود هو العنوان والبسالة هي الراية التي يتدثر بها الجميع رجالاً ونساءاً وأطفال.
كان منظرهم وهم يسيرون حفاه في الطريق إلى بيوتهم المدمرة منظراً رائعاً ومبكياً في ذات الوقت وأثبتوا للعالم بأسره الذي يتفرج صامتاً على المأساه أنهم بحق وحقيقة شعب الجبارين الذي لا يقهر رغم اتساع المؤامرة والفاجعة.
الجالس على كرسي البيت الأبيض دونالد ترامب قدم هدية غالية وثمينة لشعب الجبارين في “غزة العزة” حينما صرح بأنه سيطهر أرض فلسطين الطاهرة وسيرحل أكثر من مليوني ونصف نسمة إلى مصر والأردن … تلك الهدية أيقظت القلوب والعقول واستنهضت الإرادات ووحدت الشعوب، فكان الرفض المصري والأردني المعلن إضافة إلى المواقف الشعبية أبلغ رد على هذا التطاول المقيت.
ترامب “وضع العربة أمام الحصان” مقدماً خدمة جليلة تكشف عُري الجميع وتفضح النوايا الحقيقية للدولة التي ترعى الديمقراطية … وتتشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي والإنساني … هذا هو مجد “أمريكا العظمى” الذي يسعى لإستعادته ترامب في فترة رئاسته التي بدأت في العشرين من يناير 2025 وتمتد إلى أربع سنوات ستكون عجافاً عليه وعلى الآخرين.
المشاهد التي تنقلها “قناة الجزيرة” بصورة مباشرة من أرض المعركة أبكتني اكثر من مرة وادهشتني كما أدهشت الملايين غيري من خلال عمليات تبادل الأسرى التي تمت بصورة حضارية تؤكد أن إرث السنوار ورفاقه الأبطال وتضحياتهم الجسورة لم تذهب سدى وأن دماء البسالة والشموخ تجري في عروق أبناء هذا الشعب النبيل … سابقاً كانت الجرائم الكبيرة تتم في السر وتحت جنح الظلام ولكن اليوم بات كل شيء مكشوفاً وعارياً و مفضوحاً أمام الرأي العام العالمي.
هؤلاء العائدون إلى ديارهم التي شطبت من خارطة الوجود يحملون معهم الأمل وإبتسامة مضيئة بأن كل شيء ممكن … إن نكبة العام 1948 بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وقدسه الشريف لن تتكرر وأن الإستشهاد أهون على الشعب الفلسطيني من أن يترك تراب وطنه يدنسه الغزاة الجدد.
المجازر والتهجير والإقصاء التي تعرض لها الهنود الحمر في أمريكا وسحق السكان الأصليين في استراليا لن تتكرر في “غزة العزة” وفي عموم الأرض الفلسطينية رغم انكسارات البعض وبيعهم القضية بثمن بخس … نحن نشكر للرئيس ترامب أنه فجر تلك القنبلة الصوتية التي أحدثت كل تلك الأصداء والإرتدادات وأيقظت النائمين والواهمين من سباتهم العميق.
أنا سعيد أنني عشت حتى أشاهد وأرى كل تلك المشاهد المشرقة والمواقف المضيئة التي تثبت أن الإنسان يمكن أن يهزم ولكنه أبداً لن ينكسر … وسنظل ننتظر عمليات الفرز لنرى ونعايش مواقف الدول والأشخاص والمنظمات الحقوقية والإنسانية … ما يحدث يمثل ملحمة يسطرها شعب أعزل إلا من الإرادة، شعب قادر على الصمود والمقاومة والاستبسال بعزة وشموخ … التحية والمحبة والاعتزاز لأهلنا في فلسطين، وسننتظر لنرى مواقف الدول العربية والإسلامية والمحبة للسلام فمن العار أن تتسلط قوى منفردة على مصير البشرية ومهما كان جبروتها وسطوتها وعنفوانها … لهذا العالم رب رحيم يحميه من هذا الجنون المطلق.

نقلا عن الوطن القطرية 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.