عثمان ميرغني
أدخل يدك في جيبك واستخرج جهاز الموبايل.. ماهي الماركة؟ ومنشأ الصنع؟ ونوع الموديل؟ بكل تأكيد الاجابة على هذه الأسئلة توضح في أي مكان أنت من عالم اليوم..إذا أنت تحمل 3310 بالتأكيد ستسمعنا عبر الهاتف ولكن ليس أكثر.. يدك مغلولة عن تكنلوجيا اليوم..
إذا أرسلت مجرد كتابة رسالة نصية فيجب أن تضغط على الزر نفسه عدة مرات للحصول على الحرف الذي تريده.. الأمر الذي كنت تفعله قبل سنوات بمنتهى الرضا لأنه المتاح.. أما الآن فلا أحد له صبر وقد بلغت التكلنوجيا مراقي التواصل بالصوت والصورة والهمس واللمس..
الأمر نفسه ينطبق على الدول.. الشعوب تتطور وترتقي وتواكب العصر.. ليس في حياته اليومية فحسب بل في التشريعات و ادارة الدولة و الفكر السياسي و حتى في خطابها العام.. هذه سنة الحياة ..
فالكون كله نجوم وكواكب و مجرات.. وبحار ومحيطات وأنهار تتحرك باستمرار لا شيء يبقى في مكان واحد سوى الكسول الخامل الذي يمد يده لبقية الشعوب لتطعمه و تداويه وتعطف عليه في الملمات.
الآن.. اللحظة الحاسمة تحققت بفضل الله وحمده .. لحظة الاقتران بين كل الجيوش التي ظلت تزحف في حد السكين.. إلى أن حققت النصر المبين باعادة الحـرب إلى المكان الذي بدأت منه.. ولكن مع اختلاف الحال.. على لحن الوداع لليل طويل المؤلم.
وساعات تفصلنا عن الاحتفال بتحرير الخرطوم للمرة الثانية في تاريخها العظيم.. الأولى كانت في مثل يوم غد 26 يناير 1885.. ولكن الأمم العظيمة لا تنتظر عند الصفحة المطوية بقدر نظرتها للصفحة التالية.. تحت السؤال الكبير.. ما الذي يجب أن يتغير؟ ما الذي فرطنا فيه ويجب أن نتجاوزه؟ ما الذي يجعلنا يحول “حرب الكرامة” إلى “الحياة بكرامة”.
الآن حان النظر ببصيرة منفتحة لوطن جديد.. الجمهورية الثانية التي تستدرك أخطاء تجاربنا لتصنع منها وطنا مختلفا يستحقه شعب السودان.. فلا أحد ينكر أننا بكل أسف ظللنا نعيش تحت وطأة وصمة وطن فقير تتصدق عليه الأمم بالاغاثات.. بل يفرح كبار وزرائه وهم يهرعون إلى المطار لاستقبال طائرات المساعدات ويلتقطون الصور وينشرها الاعلام بمنتهى الفخر في صفحاته الأُوَل وصدر نشراته الإخبارية.
دولة “خمسة وعشرين”.. هي تصحيح لأخطائنا و تعظيم لصوابنا و تجديد لفكرنا السياسي و تطوير لخبراتنا الادارية و تحديث لمفاهيمنا العامة حول الدولة والحكم.
لابد من عقول نيرة لتفكر.. لو انصرفنا كلنا للفرح والهتافات والشعارات فلن يصنع الفكرة الذكية أحد.. ولن يتغير الحال.. لابد من استلهام الرؤية الحصيفة لصناعة دولة حقيقية يسستحقها الوطن والمواطن السوداني.
من هذا الباب يجب أن تخرج حـ؛رب 15 أبريل..
وإلا فهي بذرة خامدة ستجد يوما من يرويها لتنبت من جديد..
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.