“الحلم انتهى” … التحية لغزة العزة

الأحد ، 19 يناير 2025 
بقلم/ بابكر عيسى أحمد

أحداث كثيرة تتلاحق في أفق حياتنا … غداً 20/01/2025 يؤدي اليمين الدستورية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حيث يجري ذلك الحدث التاريخي وراء الأبواب المغلقة بسبب التغيرات المناخية وموجة البرد القارصة، وفي ذات الوقت ينتظر أن تبدأ مرحلة سياسية شديدة السخونة استهلها ترامب بتوجيه اتهامات للجارة الشمالية كندا والإعراب عن رغبته في ضمها للولايات المتحدة وهو ما يشكل تطوراً شديد الخطورة إلى جانب تهديداته للنرويج بسبب رغبة بلاده في ضم منطقة جرين لاند القطبية لأهميتها للأمن القومي الأمريكي وتمدد ذات التهديد ليشمل قناة بنما والمكسيك دون أن تكون أوروبا -القارة العجوز- بمنآي عن المخططات القادمة مهدداً بالانسحاب من حلف الناتو ما لم تسدد أوروبا فاتورة الاستحقاقات الأمنية.
تبدأ هذه المرحلة والنيران ما زالت تلتهم ولاية كاليفورنيا وتحدث كارثة غير مسبوقة في أغنى الولايات الأمريكية فيما تعيش مدينة لوس انجلوس حالة رعب حقيقي جراء اللهب المتمدد … عكست نيران كاليفورنيا مشاهد مماثلة لتلك التي شهدتها غزة العزة مع استمرار العدوان الصهيوني ضد البشر والحجر والنزوح وهي محطة يجب التوقف عندها والتأمل.
في ظل التطورات والنيران ينتظر العالم تطورات مثيرة ومخيفة تبدأ بالحروب التجارية والجمركية وهو ما يدخل لاعبين جدد وقدامى في قلب الأحداث وتبدأ مرحلة عض الأصابع بين مختلف الأطراف وهي أطراف لن تكون بمنأى عن التطورات المتلاحقة والمنتظرة فيما يظل العالم يراقب من يصرخ أولاً.
لعل الحدث الأبرز في كل هذا المخاض السياسي المرتقب هو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة العزة وعقد صفقة لتبادل الرهائن في محادثات ماراثونية جرت على أرض قطر وسط مخاوف أن لا يستمر الاحتلال الصهيوني في التزامه بجميع البنود المتفق عليها وسط مخاض متصاعد داخل الكيان الصهيوني بين أهالي الأسرى والسلطات التنفيذية الإسرائيلية ومخاوف حدوث تشققات في الائتلاف الحكومي في إسرائيل.
من المفارقات أن أكبر صحيفة إسرائيلية كتبت في افتتاحية “هارتس الإسرائيلية” تحت عنوان “الحلم انتهى” أن الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم بعد 75 عاماً وكأنهم رجل واحد، مشيرة إلى أنه أندر ما ينضح به الضمير الحي وأجمل ما تزهر به الحرية والفكرية وأجود ما يثمر بهامش التمكن … وتناولت ما حاق بالكيان الصهيوني على يد المقاومة الوطنية الفلسطينية على امتداد 15 شهراً من الدمار والموت المعلن وأضافت الصحيفة “نحن نتعرض لحرب نحن من بدأها وأوقد نارها وأشعل فتيلها ولكننا لسنا من يديرها وبالتأكيد لسنا من ينهيها، أما نهايتها فليست في مصلحتنا خاصة وأن المدن العربية في فاجأت الجميع بهذه الثورة العارمة ضدنا بعد أن كنا نظن أنهم فقدوا بوصلتهم الفلسطينية فهذا نذير شؤم على “الدولة” التي تأكد سياسيوها أن حساباتهم كانت كلها مغلوطة وسياساتهم تحتاج لأفق أبعد مما فكروا فيه” وأضافت “هارتس” أما الفلسطينيون فإنهم فعلاً أصحاب الأرض … ومن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي”.
هذا على الصعيد العام أما على الصعيد الخاص الذي يعنينا في العالم العربي فإن القرار الأمريكي بفرض عقوبات على طرفي الصراع في السودان يضع المحنة السودانية في أفق جديد وسط معاناة متصاعدة ومخاطر يتعرض لها المدنيون لتعكس واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم الذي نعيشه اليوم.
هل فات الأوان أن تلملم الأمة العربية والإسلامية أطرافها وأن تبني “حائط سد” يقيها مخاطر الآتي والذي يبدو أنه لا يحمل إشارات مفرحة أو مضيئة لنا، ولابد رغم سواد الأفق من استدعاء التضامن العربي وتحقيق الحد الأدنى من وحدة الصف … إن كان عام 2024 هو عام الخيبة والمرارة والهوان فإن علينا في العام الجديد 2025 أن نستعيد وعينا المفقود والمغيب في هذه المنعطفات الحادة والخطيرة.
التحية والتقدير والتجلة للدور الرائد والطلائعي الذي قامت به دولة قطر باستضافة الجولة الأخيرة للمفاوضات بحضور الأطراف الأمريكية والمصرية والإسرائيلية مع القيادة السياسية لحركة حماس التي تستضيفها قطر، وهذا جهد دبلوماسي رفيع ليس جديداً على الدوحة التي استضافت من قبل أحداث كبيرة لعل أبرزها رعاية المفاوضات الأمريكية الأفغانية … الشكر لقيادة قطر الفتية وأن يمتعها الله بالمنعة والقوة لخدمة الأمة والانتصار لقضاياها العادلة وللقضايا الإنسانية حتى يعيش انسان هذا العصر بالحرية والكرامة في كوكب يسكنه الخوف والترقب.

نقلاً عن  – الوطن القطرية


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *