حديث المدينة السبت 17 يناير 2025 ..كيف نواجه العقوبات الأمريكية

عثمان ميرغني 

من المهم أن ندرك أن العقوبات التي صدرت بحق رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.. اعتمدت بشكل أساسي على رفضه الانخراط في المفاوضات خاصة الجولة التي عقدت بسويسرا أغسطس 2024.. صحيح هناك إشارة لأسباب إضافية لكنها مجرد محاولة لزيادة ثقل الحيثيات..
من هذا المنطلق فإن الأمر كله يتوقف على تغيير السياسة التي اعتمدها البرهان في التعامل الخارجي..

و مع مراعاة أن الوضع الآن تغير كثيرا.. لم تعد المفاوضات بشكلها السابق مطلوبة أو مرغوبة من جانب الشركاء الدوليين والاقليميين الذين رعوا المفاوضات في منبر جدة ثم في سويسرا وتكونت منه آلية ALBAS .
حاليا مطروح على الطاولة مفاوضات بين السودان والامارات برعاية تركية أو مصرية.. و هو مسار يستهدف العلاقات الثنائية بين البلدين وفي طياته يخاطب ملف الحـ؛رب أيضا.
بالضرورة انخراط البرهان في مفاوضات جادة مع الامارات في ظل الوساطة التركية أو المصرية سيجعل الولايات المتحدة الأمريكية تعيد النظر في العقوبات التي أعلنتها تجاه البرهان.. ويساعد في ذلك أن الادارة الجديدة تحت رئاسة دونالد ترمب قد تكون راغبة في تحقيق انتصار سريع في ملف السودان يثبت أنها أقدر من سلفها بايدين في ادارة ملفات الصراعات الدولية.. مثلما نجحت في ملف الشرق الأوسط بالاتفاق الأخير.
العقوبات التي أعلنتها أمريكا ضد البرهان ضررها المباشر على المواطن السوداني والوطن السودان.. و ليت الرئيس البرهان لا يستمع للأصوات التي تهون منها وتدعو للامعان في المواجهة.. فرغم كونها موجهة مباشرة لشخص البرهان لكن مجرد معاقبة رأس الدولة كافي ليدخل البلاد كلها في نفق مظلم.. باهظ التكاليف..وفي معركة بلا معترك السودان في غنى عن خوضها.
مهرجانات الخطابة و البيانات التي تصدر من الأحزاب والجهات الرسمية لا تجدي نفعا.. ولا تغير من واقع الحال.. ومن يظن أن الهياج والتهييج يصنع شعبية فهو محض تبسيط.. من الحكمة أن ننظر بجدية وبلا مجاملة لمعاجلة الأزمة.
الأمر في يد البرهان.. فهو الممسك بالقرار السيادي في الدولة ويمكنه ادارة ملف هذه الأزمة الجديدة بصورة تراعي المصالح القومية دون اعتبار لأية اسقاطات أخرى.. وذلك على النحو التالي:
تبني سياسة خارجية منفتحة وترتبط بالشركاء الدوليين والاقليميين بلا أدنى حرج.. فالدبلوماسية واحدة من مصادر القوة الناعمة في عالم اليوم.. وتدار بالعقل والحنكة ..
الاستفادة من المبادرة التركية/أو المصرية في الانخراط في مفاوضات مع الامارات تقتصر على بحث ملفات العلاقات الثنائية.. واستعادة التمثيل الدبلوماسي .. وتلقائيا سينسحب الامر على ملف الحـ؛رب والدور الاماراتي في وقفها.
و الأهم من كل ذلك ضرورة مراجعة الجبهة الداخلية السودانية.. وتبنى حوار سوداني شامل لا يستثني أحد لا ليبحث في الأزمة أو تداعياتها بل لتكوين منصة انطلاق دستورية فلتكن مجلسا تشريعيا أو أية هيئة تأسيسية تفتح المجال لانطلاق قطار بناء الدولة السودانية على أسس حديثة تتخطى الماضي والراهن المعطوب.
جربنا في عهد البشير مثل هذه الأجواء الهياجية والمسيرات والشعارات وثبت عمليا أنها لم تغير الواقع وتوقف الازمات..
من حق شعب السودان أن يرتاح من العقوبات.. والأزمات..

نقلا عن موقع صحيفة التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *