عثمان ميرغني
على أعتاب الخروج من النفق المظلم.. تتجمع في بورتسودان هذه الأيام قوى سياسية متنوعة تستشرف مرحلة التشكيل السياسي لما بعد حـ؛رب 15 أبريل.. و جميل أن تكون هناك خطوات في الاتجاه الذي يرسم مستقبل البلاد.. ولكن الذي يبدو في الأفق عنوانه الكبير “لا جديد”.. المسلك السياسي هو نفسه.. ومنهج التفكير ذاته.. فأنى يكون للسودان مستقبل مختلف عن ماضيه المحتشد بالمصائب.
لتبسيط الصورة.. المشهد حاليا يتشكل من حملة أسهم يختلفون في المقام والمقدار.. في الصدارة “حامل القلم” رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان الذي يحوز على 90% من أوراق اللعبة بسلطات مطلقة.. و تبقى الـ10% الأخرى موزعة بين فاعلين كثر.
يتوزع الفاعلون حسب درجات تأثيرهم في المشهد السياسي..مباشرة بعد رئيس مجلس السيادة في الترتيب بقية أعضاء المجلس السيادة بتوصيفات فردية وليست جماعية… بعبارة أخرى مجلس السيادة بشخصيته الاعتبارية لا يملك قوة فعلية لأن تركيبته لا تعتد بالقرار الجماعي.. و تركن للدور المساند لرئيس المجلس بل وبتنافس بين أعضائه بحساب المسافة من الرئيس.. وبهذا يصبح لبقية مجلس السيادة ثلاث درجات.. واحدة لنائب الرئيس السيد مالك عقار الذي ظل المدني الوحيد طوال الفترة القاسية منذ اندلاع الحـ؛رب في هذا المقام الدستوري الرفيع إلى أن لحق به أخران توليا المنصب خلال العام 2024.. الدرجة الثانية لمجموعة العسكريين كباشي والعطا و جابر.. ثم الدرجة الثالثة للمجموعة التي انضمت حديثا.
مجموعة اتفاق سلام جوبا الموقع في أكتوبر 2020 وهم مناوي وجبريل وأبو نمو والبقية..
يساهمون في تشكيل القرار بدرجة أقل غالبا ترتبط اما بالشؤون التنفيذية مباشرة أو ممثلين للحركات المسلحة التي تقاتل حاليا بجانب الجيش ولعبت دورا متميزا في سد كثير من الثغرات خاصة في جبهة الفاشر.
وخلف الكواليس وموازيا لكل الذين ذكرتهم هنا آنفا.. تملك الحركة الإسلامية نفوذا واضحا بقدراتها التنظيمية التي تمددت خلال الفترة الماضية و جعلتها رقما مهما في حسابات المشهد السياسي..
و ساعد تطوع كثير من شبابها في العمل العسكري كتفا بكتف مع الجيش في زيادة ميزانها السياسي والجماهيري مما جعلها رقما يصعب تجاوزه في الحسابات السياسية لمرحلة ما بعد الحـ؛رب.
الذي يغيب عن كل هؤلاء الفاعلين في المشهد.. الفكر السياسي الذي يستلهم العبر من أخطاء الماضي البعيد والقريب ويبني عليه رؤى و آفاقا جديدة لا تعتد بالمسلمات العتيقة.. وتنطلق خارج صندوق الممارسة ومنهد التفكير السياسي التقليدي.
لم يظهر في الخطاب السياسي العام.. ولا الحركة والسكون ما يطمئن على أن هناك مرحلة سياسية جديدة من عمر السودان..
رغم الحدث الأضخم في تاريخ السودان منذ غزو محمد علي باشا سنة 1821 م.
بهذا الوضع سيخسر السودان وشعبه للمرة الثانية… الأول في الفاتورة الدموية والمادية والنفسية التي دفعها المواطن خلال21 شهرا .. والثانية أن لا يتحول النصر العسكري الكبير إلى نصر سياسي أكبر يضمن مستقبلا مشرقا للبلاد.
في وجهة نظري..يجب أن تنهض ثلة من المستنيرين السودانيين المخلصين والقادرين على صناعة فرق وتميز واضح في الفكر السياسي والاستراتيجي لخلق تيار وقوة دفع بأبعاد مختلفة.. تفرض قواعد لعبة و منهج تفكير جديد..
هذه دعوة للعقول الحرة.. أن تفكر في تحدي الواقع السياسي الخامل فكريا، لإنتاج قوة دفع بطرح حديث.
نقلا عن .. صحيفة التيار
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.