عثمان ميرغني
سفيرنا بالأمم المتحدة الحارث لا أعرف لماذا ينكر المجاعة؟ تقارير الأمم المتحدة هي إدانة للتمرد لأنها حددت المناطق التي يحتلها و اعتبرت ما تعانيه هو أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ الحديث.. فما هي مشكلة الحكومة السودانية ؟
الحديث عن مجاعة في بعض مناطق دارفور ونقص في الغذاء في مناطق أخرى ليس فيه مبالغة ولا يحتاج إلى دليل.. فحتى المدن الآمنة والتي قد لا ينقصها الغذاء لكن ارتفاع الأسعار مع عدم قدرة المواطن على العمل والحصول على المال تجعل الآلاف من التكايا تعمل لسد النقص..
ومهما اجتهد المتطوعون فإنهم لا يوفون الا بالنذر اليسير من حاجة البعض.. بينما كثير من الأسر لا هي قادرة على الحصول على الطعام ولا حتى تتوفر لها مثل هذه “التكايا”.. أو ربما تتعفف عن الوقوف في الطوابير الطويلة للحصول على “كمشة” طعام.
الأمر لا يتعلق بالأمم المتحدة أو أي مخاوف من إساءة استخدام الذرائع الإنسانية للتدخل في البلاد.. الأمر هنا أخلاقي في المقام الأول.. مسؤولية الحكومة عن الشعب الذي ما عاد قادرا على تحمل مزيد من المهانة والذل.. وهو يكابد هذه الأوجاع المخجلة.
من الحكمة أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها بمنتهى الشجاعة..
على المستوى العاجل و القريب والمتوسط.. أما العاجل فهو المساعدة في توسيع دوائر وشبكات توزيع الإغاثة التي تتبرع بها بعض الدول الشقيقة و غيرها.. ووضع آليات رقابة صارمة للتأكد من وصولها الى المستهدفين.. فقد كثر الحديث والشكوى من تسرب بعض المواد والسلع إلى الأسواق.. مما يؤثر على سمعة البلاد فتحجم كثير من الجهات عن المساعدة لضعف الثقة في قنوات التوصيل.
أما على المدى القريب فلا بد من رفع الاهتمام بالموسم الشتوي الحالي لضمان أعلى انتاج خاصة للمحاصيل المهمة مثل القمح.. بعض الولايات مثل الشمالية أثبتت أنها قادرة على سد النقص في الغذاء خاصة إذا توفرت المعينات.. ويقيني أنه لو صدق العزم فبالإمكان سد المطلوبات الغذائية لكل البلاد بما فيها المناطق التي تقع تحت سيطرة التمرد .. والتي لا يجب أن تُستثنى في الطعام، بل تعامل مثل بقية مناطق البلاد، فالمواطن هناك لا ذنب له..
وعلى المدى المتوسط فمن الحكمة أن تتخذ الإجراءات و السياسات المناسبة لتوفير فرص العمل لأكبر قطاع حتى يستطيع المواطن المساهمة بجهده الذاتي في تخفيف وطأة الأوضاع الإنسانية..
ومع اتساع المناطق الآمنة فإن اتخاذ الترتيبات المناسبة لاستعادة وسائل العمل يساهم كثيرا في الاستقرار الغذائي والنفسي أيضا..
الجوع ليس عارا.. العار انكاره دون معالجته..
نقلا عن – صحيفة التيار
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.