عثمان ميرغني
في اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور.. ملايين من السودانيين يكابدون أسوأ الظروف الإنسانية.. بلا مأوى.. وان وُجد المأوى.. فبلا غطاء من البرد..
وان وجد الغطاء فلا طعام يقي من الجوع.. آباء ينظرون بحسرة لأطفالهم الصغار يصرخون لا يعرفون عذرا يمنع أن يعيشوا حياة طبيعية.. وملايين من التلاميذ هجروا مقاعد الدراسة ويدخلون عامهم الثالث وقد تحولوا إلى فاقد تربوي مشرد.. هل كل هؤلاء جزء من حيثيات صناعة القرار في وطنهم السودان؟
أشك في ذلك.. لا أحد ينظر لحالهم عندما يقرر مصير البلاد.. الجميع منهمكون في لعبة مصالح ضيقة.. إن خرجت عن الذوات الشخصية فهي لن تخرج من الذوات الحزبية.
الآن بلادنا على المحك.. أضعنا الفرصة تلو الأخرى لنوقف الحـرب.. بحجج واهية لا تقف على ساقين.. و الآن مبادرة الرئيس أردوغان هي فرصة أخرى .. نأمل أن لا تتآمر عليها الأجندات السياسية..
بصراحة .. حتى هذه اللحظة ليس في أيدينا ما يؤكد جدية التعامل مع هذه المبادرة.. صحيح هناك ترحيب من رئيس مجلس السيادة البرهان.. لكن ذلك لا يكفي.. فالمطلوب أن نرى فعلا مؤسسيا يدل على أن عقلا جماعيا يعمل بهمة في انتاج الخيارات والسياسات والمواقف والقرارات التي تقود بلادنا في أفضل طريق يعزز المكاسب و يميط المخاطر..
وصل نائب وزير الخارجية التركي إلى العاصمة الادارية المؤقتة بورتسودان والتقى وزيري الخارجية والمالية ثم الرئيس البرهان.. وقدم رؤية وتفاصيل “مبادرة أردوغان”.. وقال وزير الخارجية السوداني في ايجازه الاعلامي أن البرهان رحب بالمبادرة.. ثم ماذا؟
ماهي الخطوة التالية؟
ليس من جانب الوساطة التركية… بل هنا من الجانب السوداني.. هل ينتظر نقلة أخرى في رقعة الشطرنج من الوساطة أو غيرها؟ هل هناك الآن مؤسسات وأجهزة و فرق عمل تدرس وتتلمس الطريق و تحدق في الأفق لتمنح متخذي القرار الخيارات المناسبة؟
بصراحة.. هنا الأزمة الحقيقية.. وهنا يبدأ أن يبدأ العلاج لأوضاع السودان.. من آلية اتخاذ القرار..
من الواضح أن مركز القرار هو رأس الدولة مجردا من أية مستشارين أو مساعدين ولا أية دائرة أخرى قريبة أو بعيدة.. و أن هذا الواقع يكرسه رغبة الجميع في دوائر العمل السيادي والتنفيذي أن لا يعكروا مزاج الجهة الأعلى في الدولة.. لا أحد يقترح أو يتقدم برأي إلا إذا ضمن أن ما يقدمه لا يجرح خاطر أحد.. بما يعني المحافظة على رأي واحد حتى ولو تذوق ببعض المؤسسية الصورية .
الآن بلادنا في المحك.. بفضل الله الوضع العسكري الميداني في أفضل حالاته لكن ذلك لا يكفي..هناك ميادين أخرى يجب أن يتقدم في الوضع لضمان السلامة الكاملة لبلادنا في وسط الأعاصير الدولية التي تحيط بنا..
اليوم جلسة لمجلس الأمن يبحث في الحالة السودانية.. و نحن نبحث عن فيتو جديد..
من الحكمة أن نثير السؤال الحتمي المهم..
ميف تصنع القرارات في بلدنا؟
كيف يقرر في مصيرنا؟؟
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.