عثمان ميرغني
لا أتوقع أن الرئيس التركي طيب رجب أردوعان عندما اتصل برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.. و دعاه للدخول في حوار مع دولة الامارات العربية.. فعل ذلك وهو لا يعلم موقف الامارات من هذه الدعوة.. هذا ألف باء السياسة والدبلوماسية.
بكل يقين.. البداية كانت الحصول أولا على موافقة مبدئية من الامارات، قبل عرض الأمر على السودان.. أردوغان استأذن الامارات في تحركه و وجد الضوء الأخضر الذي يسمح له بتلمس موقف الطرف الآخر، السودان، والتماس الموافقة المبدئية التي يفهم من سياق الخبر الذي نشرته وكالة الاناضول التركية أنه توفر في الاتصال الهاتفي بين أردوغان والبرهان.
أمس؛ الخارجية الإماراتية أصدرت بيانا رحبت فيه بدعوة تركيا لتواصل بناء مع السودان.. و إزالة العوائق التي تمنع تدفق العلاقات بين البلدين في مجراها الطبيعي.. لكن بيان الخارجية الإماراتية وبعد الترحيب استعاد موقف السودان من مفاوضات سويسرا في 14 أغسطس 2024 الماضي.
السودان لم يشارك في مفاوضات سويسرا وتحفظ على حضور الامارات ولو بصفة مراقب.. و حاولت الوساطة الأمريكية السعودية ثم وفد مصري رفيع برئاسة اللواء عباس كامل مدير المخابرات سافر إلى بورتسودان والتقى البرهان وبذلوا جهدا كبيرا لإقناع وفد الجيش بالحضور إلى سويسرا.. ثم تأجلت المفاوضات أكثر من مرة انتظارا للوفد السوداني الذي لم يأت.. وفي النهاية تحولت المفاوضات إلى آلية دائمة الانعقاد ليكون متاحا استئناف التفاوض في أية لحظة إذا وافق السودان.
بعد اتصال أردوغان بالبرهان كان متوقعا ان تبدأ التفاهمات المبدئية بين الجانبين السوداني والاماراتي عبر الوسيط التركي.. بالضرورة تنحصر في الاطار المتوقع للمباحثات بين البلدين، و الآلية.. وهل يلتقي الطرفان وجها لوجه في أي من عاصمتي البلدين أم في عاصمة الوسيط أنقرا.. أم تستمر المشاورات غير المباشرة عبر الوسيط لحين الوصول إلى أرضية ثابتة قابلة لتحمل الدخول الى تفاصيل التفاوض..
السودان بعث برسائل متناقضة.. عبر قنوات التواصل مع الوسيط التركي لم تحمل الموافقة أية تحفظات أو شروطا لبدء التفاوض..
لكن في أثير الاعلام المفتوح أطلق وزير الخارجية علي يوسف شروطا مسبقة هي ذاتها التي أثيرت في تبرير رفض السودان وجود مقعد للإمارات في مفاوضات سويسرا.
البرهان من جانبه في عدة مخاطبات جماهيرية زاد من غموض الموقف بتكرار رفضه التفاوض دون ان يوضح أي تفاوض المقصود.. هي يقصد المفاوضات السابقة بأطرافها السودانية.. أم هذه الدعوة الجديدة لمفاوضات بين دولة و دولة.
واقع الحال، أن البرهان لم يعترض مبدئيا على فتح حوار مع الامارات، لكنه أيضا لم يلتزم بالانخراط فيه، مما جعل بيان الخارجية الإماراتية يضع الكرة في ملعب البرهان مع تركيز الإشارة إلى الموقف السابق من مفاوضات سويسرا ليفهم أن البرهان اذا رفض فهو لا يفعل أكثر من تأكيد عزوفه عن الحل السلمي وامتطائه جواد الحـ؛رب بلا اكتراث لتداعيات ذلك على شعبه ووطنه.
سيكون السؤال الحقيقي.. ثم ماذا بعد هذا؟
ماذا بعد موافقة السودان وتأكيد الامارات على موافقتها التي فتحت الطريق للرئيس أردوغان للاتصال بالبرهان؟
فعلا الكرة في ملعب البرهان.. لكنه محاط بحسابات سياسية مزدوجة.. ينظر تارة بعين إلى حلفاء سياسيين يراهنون على تمديد عمر الحرب بلا أفق منظور.. وبعين أخرى إلى خارطة طريق لا تمس فرضية استمراره في الحكم بعد نهاية الحـ؛رب.
كيف يتعامل السودان مع ملف المفاوضات مع الامارات؟
سأوضح ذلك ..
نقلا عن _صحيفة التيار
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.