تقديم بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
كتاب: سليم أغا: ملحمة أحد ضحايا الاسترقاق، تأليف جيمس مكارثي، ترجمة ياسر عَـبِـيدِى بَرْدَويل، 2024
يمثل هذا الكتاب: سليم أغا: ملحمة أحد ضحايا الاسترقاق، مرآة تاريخية صادقة لصورة من صور ممارسة العبودية والرق في سجل الإنسانية. فهو يُعبر عن تاريخ مرحلة قانون الغابة، حيث استعباد الإنسان لأخيه الإنسان، والتي لا نزال نعيش بقاياها، كوننا لم نبلغ بعد مرحلة قانون الإنسان.
ولمَّا كان بطل هذه الملحمة، المسترَق سليم أغا التقلاوي (1826– 1875)، وهو من أبناء تقلي بغرب السودان، فإن الكتاب، وهو يستدعي الذاكرة الاستعمارية وإرث العبودية، يصب في تغذية الحالة الثورية التي ظل يعيشها الشعب السوداني من أجل التغيير واستكمال الاستقلال، ولا يزال. فعندما اندلعت ثورة 21 أكتوبر 1964، بسبب قضية جنوب السودان، والحكم العسكري أوانئذ، ولم يكن موضوع العبودية بعيداً، كان الشعب السوداني يتوق للتغيير والتحرر. وكانت الثورة تعبيراً عن التناغم مع حركة الحقوق المدنية Civil Rights Movement في الولايات المتحدة ، واستجابة لحاجة بيئات التعدد الثقافي الملحة، للحرية والسلام والعدالة. بيد أن الثورة وُئدت، ولم تستطع، على الرغم من قوتها، أن تحقق التغيير في اتجاه الحقوق المدنية والاعتراف بالتعدد الثقافي، وكان وأدها بمثابة خيانة لأشواق جماهير السودان، ومفارقة لاتساق السودان مع المشهد العالمي. عاود الشعب ثوراته، حتى أشعل ثورة 19 ديسمبر 2018، وهو يسعى لإحداث التغيير باستعادة السودان المُغيَّب، وبعث إرثه المبعثر، وتصحيح مساره المُكيَّف في وجهة تصادم مكوناته الثقافية، والمنبت عن تراثه الحضاري وتركيبة شعوبه الوجدانية. لقد وصلنا هذا الكتاب، وهو يمثل عودة ذات منبتة عن جذورها، وتوطين لتاريخ مُنتزع قهراً، في نسخته العربية هذه، بعد رحلة بحث وتنقيب شاقة وطويلة، قام بها الباحث الفنان ياسر عَـبِـيدِى بَرْدَويل. لقد ظل ياسر يعمل بجدٍ على مدى نحو عقدين من الزمان، في جمع المعلومات، والترجمة، والتواصل مع الأطراف المختلفة، ليخرج لنا بهذا الكتاب المعتق، وقد كنت من الشاهدين على كل مراحل تطور خلقة.
صدر الكتاب في نسخته الإنجليزية، أول مرة، عام 2006 بعنوان: Selim Aga: A Slave’s Odyssey لمؤلفه الباحث الأسكتلندي جيمس ماكارثي. تمحور الكتاب حول قصة حياة المستَرق سليم أغا، متكئاً على مذكرات سليم التي كتبها بخط يده عام 1846، وقد جاءت ملحقه بالكتاب، وهي بعنوان: Incidents Connected with the life of Selim Aga أحداث لها علاقة بحياة سليم أغا. كما اشتمل الكتاب ضمن ملاحقه، على عمل آخر من أعمال سليم، وهو عبارة عن مقال بعنوان: “رحلة إلى أعالي نهر الكنغو أو زائير”، نُشر في 1 يوليو 1875. كما تضمن الكتاب بعض أشعار سليم. وبهذا فالكتاب يشتمل على سيرة ذاتية، كتبها صاحبها سليم، وسيرة عامة، كتبها عنه، ماكارثي بالإنجليزية، وأتي ياسر فنقلها للغة العربية.
يقدم الكتاب قصة طفل ولد حراً في جبال تقلي في غرب السودان، وهو يعيش في حضن والديه مع أسرته وبين أهل قريته. والسودان وقتئذ تحت الحكم التركي المصري (1821- 1885)، الذي قضى على الممالك الإسلامية في السودان: مملكة الفونج (1504- 1821)، ومملكة تقلي (1530-1821)، وغيرهما. لما بلغ الفتى اليافع سن العاشرة في حوالي عام 1826، دخل قسراً في قفص العبودية والرق، حينما اختطفه اثنين من تجار الرقيق العرب، وهو يرعى بأغنام أسرته في محيط قريته. لتتبخر أحلام الفتى التي بدأت تتبلور. فقد كان “يتطلّع إلى اليوم الذي يترك فيه مهمة رعى قطيع والده إلى أخيه الصغير، ويصبح بعدها رجلاً مستَقلاً ممتلكاً لقراره وصاحب مُمتلكات، له زوجة وعائلة”. وتلاشت كذلك آمال والده، الذي اختار له، عندما بلغ سن الثامنة، زوجة المستقبل. وكانت هذه من العادات والتقاليد في تـَقـَلي، حيث تتم الخطوبة لأزواج المستقبل منذ الطفولة، ويتلقي الزوج عروسه المستقبلية فقط عندما يمتلك منزلاً. وكان الفتى يكن لوالده محبة كبيرة، وقد عبر عن ذلك، قائلاً: “إنني أكن مشاعر المحبة لأبى بصورة كبيرة، فقد كان يحيطني برعاية أبوية صادقة لدرجة أن مُحاباته لي أثارت في والدتي مشاعر سلبية تجاهي”. نسفت الأقدار كل ذلك، ليتجرع الفتى اليافع مرارة العبودية، وليكتسب اسماً بديلاً هو سليم أغا، وظل يمضغ المهانة والحرمان في صمت.
وصف سليم في مذكراته تلك اللحظة، لحظة أن أصبح عبداً، فاقداً لوالديه وعائلته وأصدقائه، ومحروماً من إحدى الحقوق الأساسية للإنسان، حق الحرية، فكتب، قائلاً: “لقد أصبحت الآن بدون شك عبداً. فقد انحدر وضعي من شخصٍ كان مرافقاً للأمراء إلى مجرد شيءٍ يمارس عليه العنف، يُباع ويُشترى لإرضاء شخصٍ آخر. أصبح والدي بعيداً جداً عنى، ولم يكن بجانبي أحد من أقربائي أو أصدقائي لمؤازرتي والرثاء لحالي البئيس… من يومها لم تنعم عيناي بمشاهدة والديّ أو عائلتي أو حتى أصدقاء طفولتي”.
تنقل الفتى اليافع سليم في رحلة عبودية قاسية وطويلة وفظة مع الأسياد وفي أسواق ومحطات تجارة الرقيق. فمن تقلي مسقط رأسه إلى الأبيض، ودنقلا، وكورتي، والقاهرة، والإسكندرية، إلى أن تم بيعه أخيراً في سوق النخاسة بالقاهرة إلى سيّده التاسع مونسيور بيوزين Monsieur Piozzin . وبعد أسبوعين فقط انتقل من منزل بيوزين ليلتحق بمنزل صهره روبيرت ثيربــيرن، القُنصل البريطاني في الإسكندرية. بهذا يكون سليم قد قطع أكثر من ألفي ميل، جلها سيراً على الأقدام، ونزيف دماء بسبب الضرب، وذرف دموعاً على مدى نحو عام من تاريخ استرقاقه. عاش سليم في الإسكندرية مع سيده الجديد، حياة مختلفة في بيت فسيح، ومدهش بالنسبة لمن في سنه، ولم يجد من أسياده السابقين سوى الضرب والتعنيف والقسوة. كان المشهد الأكثر إدهاشاً في كل ما رآه سليم في بيت سيده الجديد، هو تلك “المرآة الطويلة التي شاهد فيها كائناً أسود صغير الحجم يقوم بتقلّيد حركاته كالشبح”. عاش سليم حياة مختلفة تماماً. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه، وقد أشار لمعناه مؤلف الكتاب ماكارثي، والسؤال هو لماذا اشترى القنصل البريطاني ثيربــيرن عبداً؟ في الوقت الذي أجازت فيه الحكومة البريطانية قانون تحريم العبودية في العام 1833. على الرغم من أهمية السؤال، إلا أن سليم كتب في مذكراته، بأنه كمُسترَق تم إنقاذه علي يد روبيرت ثيربــيرن.
وكتبت الروائية الإنجليزية سارّا هاريَت بيرنى في 2 فبراير 1843، مشيرة إلى أن شراء سليم كان بسبب عاطفي، وهي تتحدث عن عائلة ثيربــــيرن ومسكنها، قائلة: “ولديهم أكثر من ذلك، خادم حبشي أو نوبي شاب، تم شراؤه بدافع عاطفي عندما كان عمره عشر سنوات بواسطة أحد أشقاء السيد ثيربـــيرن الذي رآه في سوق العبيد بالقاهرة، ثم بعثه هدّية لزوجة أخيه في أُسكتلندا.
والآن يبلغ السابعة عشر. ولقد بَذَلَت السيّدة جهداً كبيراً في تعليمه، وتنصيره وجعله واثقاً من نفسه”. فالشراء، كما ترى بيرني، كان بدافع عاطفي. ووصفت بيرني سليم، قائلة: “إنّه مخلوق طيّب وأكثر أصالةً ورقةً وحناناً وصدقاً، قلّما سمعت عن مثيله. ويُغنـّى الأغانى الشعبية الأسكتلندية كما (العندليب)، وندعوه دائماً إلى غرفة الرّسم بغرض الاستماع إليه.
ليس مُعجباً بنفسه أو مغروراً، ولكنه فقط يُغنـّى لأن سيّدته اللّطيفة تطلب منه ذلك. ويخُـط بيده كما يخط “الجنتلمان” وينطق الإنجليزية كما أنطقها أنا أو أنت”.
غادر سليم الإسكندرية مع أسرة ثيربــيرن في العام 1836 إلى إسكتلندا، ليبقى فيها مع هذه الأسرة حتى مغادرته إلى لندن عام 1849 للإقامة فيه. تولت إليزابيث ثيربــيرن العناية بسليم وتوفير احتياجاته، والعناية بتعليمه. كان سليم وفياً حافظاً للفضل والجميل، عندما كتب مذكراته، أهداها للسيدة ثيربـــــيرن، فكتب، قائلاً: “إلى السيدة / ثيربـــــيرن.. سيدتي.. بعد كتابتي مخطوطة قصيرة لبعض الأحداث ذات الصلة بحياتي، أجد نفسي ممتناً لك لما بذلتيه من جهدٍ واهتمام عظيمين في تعليمي، والذي انتشلني من ظلمات إفريقيا الي نور المعرفة وحياة الدِّعة الاجتماعية المتحضرة”. وأضاف سليم في الإهداء مستحضراً أمه وعشيرته وأقاربه، قائلاً: “… إلى مَنْ أهدى هذه الأحداث إذا لم أهْـدِها إلى كفيلة طفولتي؟ بلي يا سيدتي..، إليك، وإليك وحدك، أعترف الآن بفضلك عليَّ لما أتمتع به من مزايا. رغم بُعد الشُقة عن عشيرتي وأقاربي.. ورغم بُعدى عن اهتمام ورعاية أمي.. وجدت فيك، سيدتي، البديل الطبيعي الحقيقي لاحتياجاتي تلك”. وختم الإهداء، قائلاً: “كل ما أتمناه أن تجعل نصائحك منى حصناً منيعاً، حينما أواجه هجوم وانتقادات الحاقدين المنتشرين في العالم، وما أكثرهم”.
مذكرات سليم أغا أول مذكرات سودانية
لقد استقر رأي الباحثين في السودان على أن أول مذكرات سودانية تصلنا، هي مذكرات يوسف ميخائيل مليكة القبطي السوداني، كما يسمي نفسه، والمعروفة بـ: مذكرات يوسف ميخائيل عن التركية والمهدية والحكم الثنائي في السودان ، وقد كتبها في العام 1934. ولكن ظهور مذكرات سليم أغا التقلاوي ، بفضل جهود الباحث ياسر عَـبِـيدِى بَرْدَويل، يجعلنا أمام كشف علمي ومعطى جديد، على إثره تتأخر مذكرات يوسف ميخائيل إلى المرتبة الثانية في سلم صناعة المذكرات والسير في السودان. لتصبح مذكرات سليم أغا، وقد كتبها عام 1846 في المرتبة الأولى، وهو سابق ليوسف ميخائيل بنحو قرن من الزمان. ثم تأتي بعد ذلك المذكرات التي كتبها سجناء المهدية بعد سقوط الدولة المهدية، وهي: مذكرات القسيس النمساوي الأب جوزيف أهرولدر الموسومة بـ: عشر سنوات أسر في معسكر المهدي (1882م-1892م) . ثم مذكرات الضابط النمساوي رودلف سلاطين باشا (1857–1932): السيف والنار في السودان . ومذكرات شارلس نيوفلد (1856-1913) بعنوان: سجين الخليفة: اثنا عشر عاماً أسيراً بأم درمان . ثم تلتها مذكرات إبراهيم فوزي باشا، الذي عمل سكرتيراً لتشارلز جورج غردون (1833- 1885)، ثم أصبح سجيناً للمهدية، وجاءت مذكراته بعنوان: السودان بين يدي غردون وكتشنر، في جزئيين . ثم توالي بعد ذلك صدور المذكرات.
تحدث سليم في مقدمة مذكراته عن العبيد وأسرى الحروب في أفريقيا وبيعهم للمشترين العرب والأتراك على الساحل الشرقي، وللإسبانيين والبرتغاليين والأمريكان على الساحل الغربي.
ووصف العبيد، قائلاً: “إن كثيراً من هذه المخلوقات البائسة يتم جلبهم ليعيشوا في مستوى الحيوانات المتوحّشة بواسطة مواطني تلك الدولة الفدرالية، (الولايات المتحدة الأمريكية)، التي تتظاهر باعتناق مبادئ الحرية والديانة المسيحية بمعناها الحقيقي”.
وأضاف سليم متناولاً أثر عمليات البيع في تشجيع اختطاف الأهالي، قائلاً: “إن بيع هؤلاء الأسرى يشجع الآخرين على اختطاف بعض الأهالي الضعفاء والانهماك في الإتجار البشع لضحايا الإنسانية إشباعاً لأطماعهم ورغباتهم الذاتية”. ثم وقف عند مصيره، قائلاً: “وفي هذا السياق تقرّر مصير المؤلف.
وهو سيقوم فيما يلي بسرد سيرته في صورة ذكريات”. قدم سليم معلومات متنوعة في مذكراته، وخصص محاوراً تناول فيها: “وصف وادي تـَقـَلي وقاطنيه”، و “الصّبا وما قبل العبودية”، كما قدم وصفاً لبعض المشاهد في المدن التي مر بها وهو طفل مسترق، ففي كورتي في شمال السودان مثلاً، حيث قضى نحو ثلاثة أشهر، قدم وصفاً لنظام الرَّي، الشادوف، وتحدث عن الساقية، وغيرها. كما ضمَّن مذكراته أشعاراً كتبها باللغة الإنجليزية، وهي أشعار متنوعة، منها، قوله في قصيدته “السماء”:
أرقب العالم ما سِـر الوجود؟
روعة الخلق التي ما حمتهُ من مغبات الرعود
فنسينا. قدرة الخالق فوق ما خلق.
في السماءْ.. هذه الزرقة ما حاكاها فـَنان قدير
اشحَذ الفكر أيا عبد الله… وأنظر..
ذلك الضوء المنير
نور الله علي الأرض.. كمشكاة الفلق.
وفي قصيدته “الفصول”، كتب سليم، قائلاً:
تلك الطبيعة أدركت حرمانكم
ما بالكم تتسارعوا لبكاء؟
الشمس إن غابت ستأتيكم غداً
وبدفئها يتدفق الترياق
وكتب سليم أشعاراً لبريطانيا، بالطبع قبل أن تأتي بريطانيا مستعمرة للسودان في العام 1898. كتب سليم في صدر إحدى قصائده، قائلاً: “سأحتفل بهذه المناسبة بكتابة قصيدة غنائية إلي الدولة التي يدين لها كثير من أبناء وطني باستعادتهم لحريتهم وتحرير وعيهم”، فكتب، قائلاً (بعض أبيات متفرقة):
بريطانيا: يا أرضَ المحبةِ والسلام
يا حُصن أمْنٍ ما خـَطاهُ جسورْ
نجمٌ تلألأ في الدُنـَا متفرداً
ما شابهَـتـْه في السماءِ بدور
رَفـَعتِ رايات السلامِ محبةً
أطفأتِ نيران الفـَتـَى المَحْرور
نـَصَـبَتْ شواطِـئك “الحرية” للملأ
حَمَت الشعوب وآوَت المهجور
فغدوتِ بيتاً للغريب وأهله
وعَـتـَقتِ عبداً واهناً وصبور
وعلا شعارك عالياً ومدوياً
” العِتقُ للمأجور والمقهور”!
من المهم الإشارة إلى أنه تم تكريم سليم مؤخراً بتضمين سيرته في قاموس أكسفورد للسير الوطنية البريطانية. وقد تم تكليف المؤلف مكارثي بإنجاز سيرة سليم، وقد تم نشرها في طبعة 2011 من القاموس.
ترشدنا أشعار سليم، بما تنطوي عليه، حينما يحين وقت دراستها، وقد قدم ياسر خدمة جليلة بترجمتها، إلى خبايا تجربته، وإلى تاريخ نفسه وتقلباتها، فضلاً عن كونها شاهداً على حياته وخبراته. يقول الشاعر محمد المهدي المجذوب (1918- 1982) في مجموعته الشعرية: منابر :
وأكتبُ شِعراً ليْسَ للشعرِ غايةٌ سِوَى أنّهُ قَاضٍ عريقٌ وشَاهِدُ
إن مذكرات سليم جاءت متسقة مع حالة نمو الوعي التي يعيشها الشعب السوداني، بل هي تعبير عن الوعي بالذاتية السودانية. وتكتسب قيمتها وأهميتها، إلى جانب احتلالها عن جدارة موقع أول مذكرات سودانية، كونها تمثل إضافة إلى المكتبة السودانية والعربية. وذلك من خلال ما تقدمه لنا من معلومات، وتعريف بما انطوت عليه تلك الحقبة التاريخية، والظروف التي عاشها سليم كمسترق، والحياة التي عاشها في المملكة المتحدة بعد مرحلة العبودية.
من المؤكد أن هذه المذكرات ستكون معينة ومفيدة كثيراً، بل لا يمكن تجاوزها، عندما يأتي يوم فتح ملف الذاكرة الاستعمارية، وملف العبودية والرق، للحوار الحر والدراسات المعمقة في السودان. كذلك، وكما أشار المؤلف ماكارثي، بأنه وعلى الرغم من الكم الهائل من المدوّنات المكتوبة بواسطة عبيد سابقين تم أخذهم من غرب أفريقيا إلي المزارع الأمريكية، ولكن على حد علمه، ليس هناك من بين مؤلفي هذه المدوّنات أحداً من شرق أفريقيا أو شمالها. ويؤكد بأنه لا توجد كتابات لرقيق سابق من هذه المنطقة باللّغة الإنجليزية.
وأضاف ماكارثي، قائلاً: تعتبر مذكرات سليم عن حياته الباكرة في تلك المنطقة من حيث العادات والاقتصاد إضافة قيّمة لتعريفنا بمجتمع من أكثر مجتمعات أفريقيا سحراً في ذلك الوقت، على الأقل لارتباط نسبها بـالمملكة “الإسلامية” الممتدّة والمتداخلة بين الثقافة العربية والإفريقية السوداء.
نلتقي في الحلقة الثانية، وهي الأخيرة.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.