للكلمة.. الما بتسبح للمكوك

ولي كل والى أكان ظلم.

أعظم من الوطن.. الوطن.

(من القصيدة الأولى للمجموعة  “برولوج”)

هذا هو الرهان الذى سار عليه – وإلى الراهن- الشاعر خلال مسيرته الإبداعية الفكرية بمختلف تنوعاتها، وفى مد متصاعد، لم يسجل خط بيانه نكوصاً أو مهادنة، لا مع الذات ولا مع الآخر.

*انتظري

ورد الدم فى الشارع فتح

اليأس أتضارى

ودنقر راسو فى وش الغارة

والفجر الرابع

زاحف فارع.. بي غبنو ملفح.

(من قصيدة “تنتظري “التي سميت بها المجموعة، وهى مهداة: إلى روح شهيدة كلية التربية – جامعة الخرطوم- الطالبة التاية).

هذان مثالان ابتدائيان من مجموعة (انتظري) الصادرة عن “دار عزة للنشر والتوزيع” والمحتوية على ثلاثة عشر قصيدة. اثنتا عشر منها بالعامية والأخيرة بالفصحى، والقصائد تختلف طولاً وقصراً وتتفق موضوعاً ورؤىً. وقد احتوت على قصائد من تلك التى اشعلت حرائقَ وجدلاً ابان نشرها أو حجبها ولاتزال، إذ استطاع الشاعر/الشعب من توصيلها بوسائل انتشار أخرى، كالانترنت والفاكس والنسخ اليدوى والتصوير والحفظ …الخ

مثل ذلك قصيدتي (صالح عام) و(قرنيته)، ما جعل الذاكرة تستدعي افادات الشاعر لصحيفة (ظلال) _الخميس 18 يونيو 1996 م _ التي جاء فيها :

“ان تؤمن السلطة بحق الفنان فى مساحة الحرية التى تعينه ليفجر طاقاته الفكرية والإبداعية لخدمة الحق والحقيقة، وأن يقدر الفنان مساحة الحرية التى يستخدمها بان يكون ضميراً لوطنه وأمته، وان يكون على قدر مسؤولية تلك الحرية .. ولكن بالطبع هذه المعادلة قابلة كثيراً “للخرق” خصوصا من جانب “السلطة ” لأن السلطة _أي سلطة _ لا تتحمل ان تسمع كلمة “لا” بصوت مرتفع .. و”لا” الفنان موجعة لأنها لو صدقت بصيرتها وأسبابها تكون “لا” الغالبية العظمى من الجماهير، لأن الفنان “الضمير” نافذ البصيرة، راجح العقل، لديه حاسة النبوءة بالزلازل والأعاصير، وهو طائر “البشارة” الذي يحب ان يشقشق خارج القفص”.. وهو يستطيع ان يرى ما لا تستطيع أن تراه “السلطة” وما لاتريد السلطة ان يرى. وبصراحة سوف تظل علاقة الفنان والسلطة علاقة تنافر وتضاد الى ان يرث الله الأرض وما عليها.