إبراهيم شقلاوي
من الواضح أن السودان إنتقل إلى مرحلة جديدة في التعامل مع الإتحاد الإفريقي ومنظماته المعنية بالأمن والسلام، بل ربما جميع منظماته التي ظلت غائبة عن الشأن السوداني خلال الفترات الماضية.
هذا الواقع فرضته الظروف الصعبة التي عاشتها الحكومة السودانية وهي تحافظ على كيان الدولة قبل الحرب وبعدها، بدأ بالأمس مجلس الأمن والسلم الإفريقي زيارة إلى السودان ، تعد الأولى منذ اندلاع الحرب في السودان.
وصل وفد رفيع إلى بورتسودان برئاسة السفير محمد جاد سفير جمهورية مصر العربية لدى إثيوبيا المندوب الدائم لدى الإتحاد الإفريقي الرئيس الدوري لمجلس السلم والأمن ، بحثت الزيارة العديد من الملفات أهمها ملف وقف الحرب وإستعادة الأمن و السلام في السودان جراء الحرب التي اشعلتها قوات الدعم السريع المتمردة عقب الإنقلاب الفاشل المدعوم من قوى إقليمي بسند سياسي من بعض القوى الحزبية السودانية التي حاولت من خلاله الاستيلاء على الحكم وإعادة ترتيب المشهد السوداني وفقا للأطماع الاقليمية والدولية..
الوفد الذي جاءت زيارته متأخرة للبلاد حسب مراقبين في فاتحة لقاءاته إلتقى الرئيس عبد الفتاح البرهان الذي عبر عن موقف صارم من الإتحاد الإفريقي ومنظماته من خلال ما كان يرجوه خلال هذه الأزمة التي يعيشها السودانيون والتي كانت مقدماتها معلومة للمنظمة أبلغهم أن توصيف الإتحاد الإفريقي لما حدث في 25 أكتوبر بأنه انقلاب غير دقيق وينافي الحقائق .
كما أكد لهم أن ما تعرض له السودان يمثل استعماراً جديدا وأضاف أن تجاهل الإتحاد الأفريقي للأزمة التي يعيشها شعب السودان ناتجا من عدم معرفته بحقيقة هذه الأزمة.، مبيناً أن جزء من البلاد محتل من مليشيا متمردة بمشاركة مرتزقة أجانب، ومعاونة دول يعرفها الجميع وأشار إلى مهاجمة القوات المتمردة للمدن الآمنة وإنتهاكها لحرمات المواطنين ونهبها لممتلكاتهم وإغتصابها للنساء.
مبيناً أن كل العالم شاهد ذلك ولم يحرك ساكناً ، وأكد البرهان خلال اللقاء رفضه للسيطرة على السودان بواسطة جهات أجنبية تستخدم القوات المتمردة في حربها ضد البلاد ، وقال (رئيس المجلس السيادي أن هنالك قوة سياسية تريد أن تعود للحكم بأي طريقة قبل أن يعود المواطنون لمنازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة المليشيا المتمردة) كان حديث الرئيس البرهان واضحا وشفافا مع الوفد.
ونقل البرهان خلاله رؤية الحكومة وتوصيفها للحرب الذي يجب أن تحترمه المنظمة الأفريقية، كذلك قال السفير محمد جاد رئيس الوفد في تصريح صحفي( إن هذه أول زيارة لمجلس السلم والأمن للسودان منذ عدة سنوات، مبينا في ذات الوقت أن مصر حرصت منذ بداية رئاستها للمجلس في أبريل الماضي على القيام بهذه الزيارة.، وقال إن الإيضاحات التي قدمها رئيس مجلس السيادة لوفد مجلس السلم والأمن الأفريقي ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية مبيناً أن الوفد أكد دعمه للسودان الشقيق حتى يتم تحقيق السلام بالبلاد وأضاف أن مصر تحرص دوما على ضرورة أن يخرج السودان من هذه الأزمة بخير .
وذكر أن اللقاء تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لإستعادة السودان لعضويته في الإتحاد الأفريقي وأضاف لا يمكن أن يمر السودان بمثل هكذا أزمة وتكون عضويته مجمدة في الإتحاد الأفريقي ، هذا الحديث المتعلق بأهمية استعادة عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي حديث جيد يجب أن يتم تنفيذه وهو يعتبر قراءة موفقة للواقع الراهن الذي يتطلب تمتع السودان بعضويته الكاملة في الإتحاد الإفريقي وهو استحقاق يجب أن يؤخذ في الاعتبار إذ أنه يدفع تجاه استعادة الأمن والسلام والمحافظة على كيان الدولة السودانية .
كذلك خلال حديثه أكد السفير محمد جاد أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيسعى لإحلال السلام في السودان ووقف إطلاق النار ودعم تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوداني ، من الواضح أن مجلس الأمن والسلم الافريقي خلال هذه الزيارة للبلاد جاء بصدر مفتوح ورغبة صادقة، للاستماع لوجهة نظر القيادة السودانية وتحفظاتها حول عدد من المواقف المتعلقة بضرورة معاملة السودان كدولة رائدة ضمن المؤسسين للاتحاد الأفريقي وتعلم حدود التعامل الذي يعزز السيادة الوطنية ويحترم قوانين المنظمة وتحافظ عليها .
في ذات السياق قال السفير الزين إبراهيم حسين سفير السودان بإثيوبيا والمندوب الدائم لدى الإتحاد الأفريقي في تصريح صحفي استمعنا له أن زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي تكتسب أهميتها كونها الزيارة الأولى منذ عام 2015م وهي تنبئ عن إرتباط إيجابي جديد للإتحاد الأفريقي بالسودان بعد تعليق عضويته في السادس والعشرين من إكتوبر عام 2021م بعد الإجراءات التصحيحية الخاصة بفض الشراكة مع المكون المدني، مبيناً أن وفد المجلس إستمع لشرح تفصيلي من رئيس المجلس السيادي حول مختلف الملفات العسكرية والأمنية والسياسية والإنسانية مشيراً الى أن الوفد عقد لقاءات مهمة مع عدد من المسئولين بالدولة شكلت فرصة للإطلاع على مجمل الأوضاع في السودان ومكنت الوفد من الإلمام بمعلومات حول حقيقة الأزمة.، وأوضح السفير الزين أن جمهورية مصر العربية ترأس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي .
مبيناً أن الوفد ضم مفوض السلم والأمن والشئون السياسية ومندوب الإتحاد الأفريقي بالسودان السفير محمد بلعيش مبيناً أن هذه الزيارة ستشكل خارطة طريق لإعادة إرتباط السودان الإتحاد الأفريقي، من الواضح أن الزيارة ربما تتبني توصية بأهمية فك تجميد عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي هذا الي جانب ربما الاتفاق على خارطة طريق مبدئية متعلقة بدور المنظمة خلال المرحلة المقبلة لإستعادة الأمن وتحقيق السلام للسودانيين ، الملاحظ أن جميع اللقاء مع الوفد خلت من الإشارة إلى تنفيذ إتفاق جدة للترتيبات الأمنية والإنسانية الموقع في 11 مايو من العام الماضي ، هذا ماعده المراقبين مؤشر الي قرب انتهاء العملية البرية التي بدأها الجيش خلال الأيام الماضية لإستعادة السيطرة وفرض السلام على القوات المتمردة ، كذلك عقد الوفد اجتماعات مكثفة مع المسؤولين بمجلس الوزراء بحضور الفريق ركن بحري مهندس ابراهيم جابر الذي تحفظ على المواقف السالبة لبعض الدول الأفريقية وصمتها عن مايدور في السودان، كذلك خلال الاجتماع النائب العام الفاتح طيفور بحث عدد من الملفات المتعلقة بالأزمة الحالية والممارسات الإنسانية التي تقوم بها قوات الدعم السريع المتمردة، أكد وفد المجلس تضامنه مع الشعب السوداني ودعم مؤسسات الدولة السودانية والتنسيق مع الاتحاد الافريقي واطلاعه على الأوضاع السودانية.، اللافت أن السفير محمد جاد رئيس الوفد وقبل مجيء الوفد لبورتسودان تحدث( للشرق) حول أهمية الزيارة وتوقيتها كذلك حول تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو التي كشف فيها عن فتح قنوات اتصال مع الإتحاد الأفريقي فيما يتعلق بإعداده وتجهيزه لقوات التدخل الرامية إلى حماية المدنيين في السودان،قال إن موقف مصر واضح في هذا الشأن إذ أنها ترفض هذا الاقتراح تماما، قائلا : “هذا الاقتراح ليس جديدا”. وعلى هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر الماضي، دعت بعض الدول الغربية إلى عقد اجتماع بشأن السودان وتم عقد اجتماع و اتفاق بشأن السودان مقترح، وهو ما رفضته مصر والدول الأفريقية الأخرى المعنية رفضا قاطعا.، هذا الموقف الواضح من أهمية الزيارة وتوقيتها والرفض القاطع لمزاعم تدخل قوات دولية في السودان لحماية المدنيين والإيمان القاطع بأهمية أن يسترد السودان عضويته في الإتحاد الإفريقي، يبعث الأمل من جديد في الإتحاد الإفريقي وفي مجلس السلم والأمن الإفريقي إذ أن الحكومة السودانية وجميع الشعب السوداني يتطلعون لدور فاعل وبناء من الإتحاد الأفريقي ومنظماته لدعم السودان في تجاوز الأزمة وإستعادة الأمن والسلام للسودانيين وهذا هو وجه الحقيقة الذي يجب أن ندعمه جميعا والذي يجب أن تبدأ بموجبه المرحلة الجديدة في السودان.، وعلى ضوء ذلك يجب أن يراجع الاتحاد الإفريقي جميع حساباته في السودان تماشياً مع الواقع الجديد الذي استطاع السودانيون فيه استعادة دولتهم بعد إختطاف .
الجمعة 4 أكتوبر 2024 م. [email protected]
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.