فادي عيد
رغم الجهود الإقليمية الكبيرة والمساعي الدولية الأخيرة لاحتواء الوضع المتفجر في المنطقة لا يزال التوتر سيد الموقف في الشرق الأوسط.
لاسيما مع تغير قواعد الاشتباك بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، واستهداف إسرائيل لقادة قوة الرضوان التابعة لحزب الله و مجزرة البيجرز والهواتف اللاسلكية، هذا وقد تخطت حصيلة ضحايا الضربات الجوية الإسرائيلية على لبنان الى 558 شهيدا بجانب مئات الجرحى.
بدوره فقد أعلن وزير الخارجية اللبناني ارتفاع عدد النازحين إلى أكثر من نصف مليون نازح مع ترشيح العدد للارتفاع خلال الساعات القادمة في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي ضرباته الجوية على البلاد.
هذا وذكرت مصادر إعلامية لبنانية أن الضغط على السوق العقارية خلال الأشهر الماضية قد ساهم في ارتفاع غير مسبوق في أسعار الإيجار حيث تمكن ميسورو الحال من سكان الجنوب من تأمين منازل في مناطق أخرى منذ أشهر.
وكشفت وكالة فرانس برس الإخبارية في تقرير لها عن قيام العديد من أصحاب المنازل و الشقق برفع الأسعار الإيجار بشكل كبير وذلك في ظل ارتفاع الطلب، وعلى عكس ميسوري الحال فإن أغلب النازحين من الجنوب ينتمون للطبقة الفقيرة والمتوسطة ما يعني عدم قدرتهم على توفير المبالغ التي يطالب بها سماسرة العقارات وأغنياء الحرب.
كما أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي العديد من العائلات الفارة من الجنوب والتي اضطرت لافتراش الأرصفة نظرا لعدم تمكنهم من العثور على مأوى، فيما أطلق ناشطون نداءات عاجلة للتسريع في توفير أماكن إيواء خاصة للفئات الهشة.
وشهدت قرى مختلفة في جنوب لبنان المأهولة بأغلبية شيعية موجات نزوح جماعي غير مسبوق، حيث غصّت الطرقات بسيارات العائلات اللبنانية القاطنة جنوبا والتي غادرت على عجل الى العاصمة بيروت التي لم تسلم هي الأخرى من العدوان الإسرائيلي.
وهنا ننوه ونحذر جميع الأطراف اللبنانية من مخاطر عودة الشحن الطائفي في ظل ما يواجه لبنان الشقيق من مخاطر وتهديدات على يد سفاح العصر بنيامين نتنياهو، والتحذير من عواقب عودة النفس الطائفي مرة أخرى.
لذلك تعالت خلال الساعات القليلة الماضية الدعوات الى نبذ التعصب الطائفي في ظل الظرف العصيب الذي يعيشه لبنان، بعد ان وثق رواد مواقع التواصل الاجتماعي العديد من المواقف التي تعيد لبنان الى واجهة الخلاف الطائفي.
وتناقلت وسائل إعلام لبنانية في 7 أغسطس/ آب 2024 حالة صاحب منزل طلب من عائلة نازحة من الجنوب ألف دولار كإيجار شهري، إلا أن أهالي المنطقة هاجموا العائلة وهددوهم بالسلاح وطالبوهم بالمغادرة بشكل فوري من البلدة.
في حين يشترط أصحاب عقارات آخرون أن يكون المستأجر من أبناء المنطقة في إشارة إلى رفض تأجير المنازل للنازحين اللبنانيين من أبناء الطائفة الشيعية من الجنوب، ويبرر سماسرة العقارات مطالب بعض أصحاب البيوت التي وصفت بالطائفية بمخاوفهم من استهداف الطيران الإسرائيلي للمنطقة في حال تم استضافة أحد أعضاء حزب الله.
هذا ويشكل المسلمون الشيعة الطائفة الأكثر عددا في الجنوب اللبناني، يليهم الموارنة المسيحيون ثم المسلمون السنة.
أخيراً وليس آخراً ينتظر لبنان أيام أشد صعوبة بسب إصرار نتنياهو على المضي قدما والتخلص من كافة أذرع إيران بالمنطقة، ولا سبيل للعبور من تلك الكارثة سوى بإعلاء لبنان فوق كل شيء، والتماسك والترابط بين أبناء الوطن الواحد وعدم الانزلاق خلف الأصوات المحرضة، فهل يجتاز لبنان تلك العاصفة كما اعتاد بثباته وصبره.
المحلل السياسي المتخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.