عثمان ميرغني
الدكتور هيثم محمد إبراهيم لمع نجمه خلال فترة الحرب في السودان، لكونه الرجل الذي يتحدى الأوضاع الصحية الصعبة. بعد تدمير المستشفيات، ونقص الكوادر الطبية نتيجة الهجرة أو النزوح، وفقدان مخزون ضخم من الأدوية كان في الإمدادات الطبية بالخرطوم، وفي مستودع كبير بمدينة نيالا، وأيضًا في مدني، تفاقمت الأزمة.
ومع انتشار الأمراض الوبائية مثل حمى الضنك والكوليرا والملاريا، دخل هيثم في اختبار عصيب. ازدادت الأزمة تعقيدًا بانحدار البيئة في المدن نتيجة تراكم الجثث ومخلفات المعارك.
لكن هيثم حافظ على صورة شعبية ناصعة، يجتهد في تلبية الاحتياجات، ويتابع أصداء الرأي العام ويتفاعل معه. تحرك بين مدن السودان، متابعًا بنفسه وقائدًا للمواجهة المباشرة للتحديات الصحية.
بعد تكليف الدكتور كامل إدريس برئاسة الوزراء، ثم قراره بحل المجلس، توقع كثيرون أن يبقى هيثم في منصبه، وأن لا بديل له في وزارة الصحة إلا هو. لكن البروفيسور معز عمر بخيت اقتطف الوزارة، ومعه الرنين الشعبي الذي طغى على الوزيرين اللذين اختيرا للزراعة والري، والتعليم العالي والبحث العلمي.
في الحال، سرت في وسائط التواصل الاجتماعي موجة مواساة حزينة لإزاحة هيثم من منصب وزير الصحة الاتحادي. كل من كتب، من الصحفيين وغيرهم، عبّروا عن حزنهم لأن سجل إنجازات هيثم لم يكن شفيعًا يمنع إزاحته من كرسي الوزارة.
ولكن، لفت نظري أمر عجيب: لا أحد يعدد الإنجازات، وأكثر من ذلك، لا أحد يحدد “الدرجة الكاملة”؟ في سياق التقييم عمومًا، قد تكون درجة 10 أفضل من 60. الطالب الذي نجح وحصل على 10 في امتحان قد يكون أفضل بكثير من الذي حصل على 60. لأن المرجعية هنا ليست في الرقم ودلالته، صغيرًا كان أم كبيرًا، بل في الدرجة الكاملة. بمعنى آخر، لا يمكن قراءة وتقييم درجة الطالب في الامتحان إلا بعد معرفة الدرجة الكاملة. الطالب الذي حصل على 10، قد تكون الدرجة الكاملة هي 10. والطالب الذي حصل على 60، قد تكون الدرجة الكاملة هي 100.
من الحكمة في العمل العام، قبل الشروع في تقييم أي عمل، أو حتى البدء في تنفيذه، أن تكون الدرجة الكاملة واضحة. وضوح الدرجة الكاملة يفرض على العمل نتائج مضبوطة بمؤشرات عملية تحدد ما أُنجز وما لا يزال ينتظر، وما نجح الوزير في تحقيقه، وما فشل فيه.
مع تباشير إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، من الحكمة أن يحمل كل وزير ورقة امتحان تحدد فيها الدرجة الكاملة المطلوبة، والأسئلة التي يجب أن يجيب عليها، أي الأعمال المطلوب تنفيذها. بهذا يكون “الحساب ولد”، ويستطيع الشعب السوداني متابعة أداء الوزير بدقة، بدلاً من إطلاق التقديرات العامة التي غالبًا ما تبنى على العواطف والحملات الإعلامية.
على سبيل المثال، وزير الصحة الجديد، البروفيسور معز عمر بخيت، يجب أن يتسلم من مجلس الوزراء، بعد تحديد برنامج الحكومة، قائمة المشروعات التي عليه إنجازها، ومواقيت إكمالها، وتفاصيل الخطوات التي توضح ما إذا كان يسير في اتجاه إكمالها، أو ما نطلق عليه “قياسات الأداء”. هذه القياسات أشبه بعلامات الطريق التي توضح عدد الكيلومترات التي قطعها المسافر للوصول إلى المكان المستهدف.
حان الوقت لتغيير ميدان اللعب واللاعبين وخطة اللعب أيضًا.
#حديث_المدينة الأحد 6 يوليو 2025
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.