الشفيع خضر سعيد
«الشبكة السودانية للتنمية والديمقراطية» هي منظمة طوعية غير ربحية تضم مجموعة من بنات وأبناء دارفور الذين يؤمنون بأن النزاعات في دارفور هي أحد تجليات الأزمة العامة المتفاقمة في السودان ككل، وأن الحوار السلمي هو الآلية الوحيدة لعلاجها.
واستمرارا لجهود العديد من المبادرات من أبناء الإقليم، من المجتمع الأهلي والمجتمع المدني، بهدف منعه من الانزلاق إلى هاوية تفاقم الصراعات الدموية وتوطن خطاب الكراهية والحرب الأهلية الشاملة وتهديد وحدة السودان، وتمسكا بالأمل، وقناعة بهمة بنات وأبناء دارفور، نظمت الشبكة ملتقى لأبناء دارفور في العاصمة الكينية نيروبي، في الفترة من 17 إلى 19 سبتمبر الجاري، شارك فيه حضور متنوع من حيث التمثيل الجهوي والمناطقي والقبلي والتركيبة الاجتماعية، ومن حيث النوع والعمر والخلفية الثقافية والاجتماعية وغيرها، وذلك من خلال قيادات الإدارات الأهلية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح، وكذلك الخبراء والمختصين والأكاديميين والفاعلين النشطاء من أبناء الإقليم. حددت الشبكة الهدف الرئيسي من الملتقى في التوصل إلى موقف موحد يدعو إلى إنهاء الحرب ومكافحة خطاب الكراهية ويدعم السلام ومعالجة المشكلات عبر الحوار السلمي، في السودان بشكل عام، وفي دارفور بشكل خاص. وشهد الملتقى نقاشا عميقا وحوارا بناء، اتسم بالشفافية والبحث عن المشتركات والتطلع إلى المستقبل، وتركز حول أن السودان ظل يعاني، منذ فجر استقلاله وحتى اليوم، من غياب المشروع الوطني لضمان المشاركة العادلة في السلطة والتوزيع العادل للموارد والثروة، مما عرض أقاليمه للتهميش والإجحاف على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي دارفور، وبسبب التهميش وما صاحبه من انعدام التنمية والتفشي الواسع للفقر والأمية، توفرت أجواء ملائمة لانتشار الصراعات والنزاعات حول الأرض والموارد. وظلت هذه الصراعات والنزاعات تتغذى على تدخلات السلطة السياسية في شؤون العشائر والقبائل، والتي تطورت بشكل ملحوظ خلال فترة حكم الانقاذ، حيث تم استغلال القبائل بشكل صريح وقبيح لتحقيق مكاسب سياسية لصالح أهل السلطة.
مما أدى إلى توسيع دائرة الصراع وانتشار خطاب الكراهية، خاصة بعد حرب 15 أبريل2023، والتي فاقمت من حدة الضغوط التي تمارسها الأطراف المتحاربة على مكونات الإقليم مما ينذر بعواقب وخيمة قد تجر البلاد إلى حرب أهلية شاملة.
وفي ختام أعماله، أصدر الملتقى مجموعة من التوصيات حول تداعيات الحرب الراهنة على دارفور، وحول التنمية وشكل الحكم في الإقليم، مصحوبة بخطة عمل حول كيفية تنفيذ هذه التوصيات، كما أصدر نداء يخاطب الكارثة المأساوية الراهنة في دارفور وفي السودان عموما، ويطالب بالوقف الفوري للحرب.
في مقالنا القادم سنستعرض أهم التوصيات التي خرج بها الملتقى، بما في ذلك ملامح برنامج العمل المستقبلي لتنفيذها، بينما سنستعرض في مقال اليوم نص النداء الذي صدر من الملتقي، والذي جاء فيه:
استمرارا لجهود العديد من المبادرات من أبناء الإقليم، من المجتمع الأهلي والمجتمع المدني، بهدف منعه من الانزلاق إلى هاوية تفاقم الصراعات الدموية، نظمت الشبكة ملتقى لأبناء دارفور
«نحن، المجتمعون من أبناء دارفور، ممثلون من قيادات الإدارات الأهلية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح، وكذلك الخبراء والمختصين والأكاديميين والفاعلين النشطاء من أبناء وبنات الإقليم، نرفع أصواتنا ونرسل هذا النداء مخاطبين الضمير الإنساني وجموع الشعب السوداني، بما آل إليه وطننا من دمار وخراب، إذ تشهدها بلادنا منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م واقعا مأساويا لا يطاق، أودى بحياة الآلاف من بنات وأبناء الوطن، وشرد الملايين منهم، وتسبب في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتدمير البنية التحتية، وإنهاك الاقتصاد، وتفشي المجاعة، وزرع بذور الكراهية والفتنة بين أبناء الوطن الواحد. وعطفا على كل ذلك، فإن المشاركين في الملتقى ينادون بالآتي:
نداء إلى طرفي الحرب:
1 ـ الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء العنف والجلوس إلى طاولة الحوار للبحث عن حلول سلمية وعادلة.
2 ـ احترام القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين، وتوفير الممرات الآمنة للمساعدات الإنسانية بما فيها المعابر الحدودية، والتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني وتسهيل وصولهم للمتضررين.
. 3 ـ نبذ المصالح الضيقة والاستماع إلى صوت العقل والحكمة بالنظر إلى معاناة الشعب السوداني، وتقدير حجم الخسائر التي لحقت بالبلاد، وإحترام مستقبل الأجيال القادمة.
نداء إلى الإدارات الأهلية والمجتمع المدني والقوى السياسية:
1 ـ استعادة دورها التاريخي في المصالحات ورفض الحرب ورتق النسيج الاجتماعي.
2 ـ لعب دور إيجابي بالضغط على المتحاربين للجلوس للتفاوض لوقف إطلاق النار وإنهاء القتال.
3 ـ إعلاء شأن الحلول المقدمة من المجتمعات المحلية لوقف النزاع واندماجها الشامل في العملية السياسية. 4 ـ محاربة خطاب الكراهية المتفشي وسط المواطنين وعدم الانحياز لأي من طرفي الحرب لتهيئة المجتمع للعودة الى الحياة الطبيعية.
نداء إلى المجتمع الدولي:
1 ـ ممارسة الضغوط على أطراف الصراع: وحثهم على وقف الأعمال العدائية، والعودة إلى مسار الحوار والتفاوض.
2 ـ دعم جهود الوساطة مع عدم تعدد المنابر لتوفير الظروف الملائمة لإجراء مفاوضات شاملة وذات مصداقية.
3 ـ توفير الحماية للمدنيين، ومضاعفة الدعم الإنساني من مساعدات طبية وغذائية وإيوائية لضحايا الحرب، وتفعيل القوانين الدولية لتطبيق العدالة.
4 ـ تحسين أوضاع اللاجئين ومراجعة معسكرات اللجوء التي أقيمت في بعض الدول، والنازحين داخليا بغرض تقديم العون الإنساني. 5 ـ ممارسة الضغوط على المؤسسات الجنائية الدولية لمساءلة المنتهكين وعدم الإفلات من العقاب من أطراف النزاع والدول الداعمة لأطراف الحرب.
نحن المشاركين في الملتقى، نرفض الحرب ونطالب بوقفها الفوري وإرساء السلام، نحن المشاركين في الملتقى، نتمسك بوحدة السودان أرضا وشعبا، وببناء جيش مهني وقومي يخرج من السياسة والاقتصاد ويراعي التنوع والتعدد ووفقا للثقل السكاني لأقاليم السودان، نحن المشاركين في الملتقى، نؤمن بالحوار وبالتفاوض السلمي كآلية وحيدة لحل لنزاعاتنا عبر مخاطبة جذور مشكلاتنا التاريخية، نحن المشاركين في الملتقى، نعمل من أجل وحدة قوي دارفور والحوار الدارفوري دفعا للحوار السوداني سوداني، نحن المشاركين في الملتقى، لن نستسلم، وسنواصل نضالنا من أجل الحرية والعدالة والسلام.
كاتب سوداني.
نقلا عن القدس العربي
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.