رشان أوشي تكتب : اجتماع “بورتسودان” .. فخاخ اتفاق جوبا وضرورة الدولة

رشان أوشي

في “بورتسودان” شعور بأنَّ البلاد تقف أمام منعطفٍ كبير، وأنّ رئيس الوزراء “د. كامل إدريس” لن يكتفي في حكومته بتغيير الوجوه فقط، بل يحلم بتغيير ملامح السودان في السياسة والاقتصاد والإدارة.

“إدريس” يعلم تماماً أن هذه الحرب أخطرُ حروبِ السودان، حربٌ سترسم نتائجها حدود الأدوار والمواقع ومصير الخريطة السودانية.

بالأمس، اجتمع رئيس الوزراء بأطراف اتفاق “جوبا” للسلام، بهدف التشاور حول أنصبة السلطة، وقبل بدء المداولات غادر حاكم إقليم دارفور “مني أركو مناوي” بصورة مفاجئة أدهشت الحاضرين، حتى قبل حضور رئيس الوزراء.

“إدريس” ابتدر الاجتماع بالتأكيد على التزام الدولة بنصوص اتفاقية “جوبا”، وأن اجتماعهم يهدف إلى التشاور حول أنصبتهم في السلطة.

بدءًا، نقل الوزير السابق “محمد بشير أبو نمو”، اعتراض “حركة تحرير السودان” على حل الحكومة دون التشاور مع وزراء السلام، مستشهداً بقرارات ٢٥/أكتوبر/٢٠٢١م التي طردت وزراء “قحت” من مجلس الوزراء بينما احتفظت الحركات المسلحة بمواقعها، وأعلن “أبو نمو” و”معتصم” المسؤول السياسي لحركة العدل والمساواة، تمسك حركاتهم بالوزارات التي حصلوا عليها عند تشكيل أول حكومة بعد توقيع اتفاق السلام ٢٠٢٠م.

مواقف ممثلي حركتي “العدل والمساواة” و”تحرير السودان” الحادة سبقتها مواقف أكثر حدة على ميدان القتال، فقد انسحبت قواتهم دون مبرر من منطقتي “المثلث” و”كرب التوم”، واستفسرهم الرئيس “البرهان” عن أسباب الانسحاب، فأبلغوه بأنهم يرغبون في حسم ملف الحقائب الوزارية أولاً، ومن ثم التحدث حول قضايا الميدان.

هذه المواقف كشفت أن الخيط الذي يربط “مناوي” و”جبريل” بمعركة الكرامة مهدد، وأن الوسادةُ الوطنية ليست راسخة، إنما للدكتور “جبريل” أسلوبه وحساباته، و”لمناوي” انعطافاته ومفاجآته.

تمسكت بقية أطراف اتفاق “جوبا” بضرورة توزيع أنصبة الاتفاق بشكل عادل بين جميع المسارات والفصائل، كان أكثرهم حدة “محمد الجاكومي” الذي اعترض على شغل شخص واحد لوزارة لمدة خمس سنوات، وهذا لم يحدث في تاريخ الحكم في السودان، بينما أقر “صلاح الولي” القيادي بحركة “تجمع قوى تحرير السودان” بأن اتفاق جوبا لم يُسمِّ الحقائب الوزارية إنما تحدث عن نسبة مئوية، ويحق لجميع الفصائل المشاركة في السلطة، وانتهى الاجتماع على أن تتشاور أطراف السلام وتخرج بموقف موحد.

واضح أنّ السودان يحبس أنفاسه. إنه موعود بأيامٍ أدهى، ترابط عواصف الصراع ينذر بتحولها إعصاراً، فالسودان اليوم لا يشبه ذلك الذي كان قائماً قبل ١٥/أبريل/٢٠٢٣م، هذه الحرب وجودية، لا يمانع السودانيون في دفع أثمانها من أجل أن تنتهي إلى تغيير حقيقي، يمحو نظام “الإقطاعيات العشائرية” من الذاكرة السودانية.

رئيس الوزراء مسؤول أمام شعبه بتحرير الدولة من براثن “الابتزاز”، فالأقوياء يتركون بصماتهم على حياة دولهم وشعوبهم، والتاريخ دائماً ما يفتح شُرفة استثنائية لمن قادوا شعوبهم على طريق التقدم والعدالة.

محبتي واحترامي


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *