عثمان ميرغني يكتب : بيان حزب الأمة

بيان حزب الأمة القومي..

حديث المدينة – عثمان ميرغني

أمس أصدر حزب الأمة القومي بيانا يوضح تفاصيل اجتماع “مجلس التنسيق” الذي انعقد يوم الثلاثاء، أمس الأول، 17 يونيو 2025. و حدد موقفه ضد تعيين الدكتور كامل ادريس رئيسا للوزارء.. لأن القرار (يمثل امتدادا لانقلاب 25 أكتوبر 2021).

و قال بيان الحزب أن الدكتور كامل ( لم يبد منذ توليه منصبه أي بوادر للسعي نحو السلام بل أعلن انحيازه الصريح للخيار العسكري..).

قد يذكر القراء أني كتبت أكثر من مرة أسأل “من هو كبير البلد؟” وكثير فهم العبارة على وجه استفزازي وكأني أتجاوز مقامات السيادة في رأس الدولة.. والحقيقة أقصد بـ”كبير البلد” موطن الرشد الذي تتكيء عليه البلاد حينما تسرج البلايا خيولها و تشتد الأعاصير الهوجاء وتصطخب الأمواج.. مثلما هو حال البلاد الآن.

في مجتمعنا السوداني “كبير البلد” هو مستودع الحكمة الذي يلجأ إليه الناس عند المحن.. الذي ينظر بعين خبيرة إلى “الحل” مهما تعقدت المشكلة.

قرأت بيان حزب الأمة ثلاث مرات.. أبحث فيه عن روح “كبير البلد” .. فهو من أقدم الأحزاب السودانية، تأسس في العام 1945 امتدادا لتجربة سياسية نضالية بدأت في 1881 مع أولى خطوات الأمام محمد أحمد المهدي التحررية.. ونال الحزب شرف قيادة البلاد عبر صندوق الانتخابات أكثر من مرة.

وفيه لمعت أسماء كالنجوم على رأسها السيد الامام الصادق المهدي و قبله السيد محمد أحمد المحجوب وغيرهما من القيادات التاريخية.

بكل هذا الثقل السياسي لحزب الأمة القومي، ليس مناسبا أن يكون دوره مجرد صياغة بيانات لا تكلف جهدا ولا عرقا.. كأنما يُعذر نفسه عن أداء ما يجب عليه عمله.. فبدلا من أن يغني “الحزن النبيل” ع الحزانى والمكلومين.. عليه أن يجد الحل ولو من بصيص نور يلوح بتعيين رئيس وزراء مدني.. فهي خطوة مهما كانت صغيرة فإنها بداية يمكن أن تفتح نافذة للخروج من النفق.

بيان حزب الأمة يمكن ان يحمل توقيع أي حزب صغير ولو كانت عضويته اثنين فقط.. فما ورد فيه “لا يحتاج إلى بطل” على عنوان مذكرات الجنرال شوارسكوف قائد قوات التحالف في حرب الخليج الثانية.

لكن الأكبر فداحة.. هو ما ورد في البيان عن كامل ادريس.. يقول البيان (لم يبد منذ توليه منصبه أي بوادر على السعي نحو السلام بل أعلن انحيازه الصريح للخيار العسكري..)..

لم أفهم كيف لا يستطيع حزب بعمر حزب الأمة أن يفهم الفرق بين دعم الجيش بصفته المؤسسة القومية الشرعية التي تحمي البلاد.. و “الانحياز الصريح للخيار العسكري”؟

لا جدال ولا شك أن كل سوداني فردا أو حزبا أو تحالفا مطالب بالوقوف مع جيش بلاده.. بلا أدنى تحفظ أو اشتراط.. لكن الوقوف مع الجيش لا يعني “الانحياز الصريح للخيار العسكري”.. بل أكثر من ذلك؛ الجيش السوداني نفسه حينما يحارب ويتحمل التكلفة الباهظة من دماء ضابطه وجنوده لا يقصد بذلك “الانحياز للخيار العسكري”.. بل يمارس مهامه وتفويضه وواجبه المنوط به.. ومتى ما تحقق الاتفاق على انهاء الحرب فإن منسوبي الجيش أسعد الناس بأن يضعوا السلاح.. ويوفروا دماءهم وعرقهم.

الحرب ليست اختيارا .. فرضت على الجيش فرضا في صباح 15 أبريل 2023 و إلى أن تتحق شروط انهائها فليس للجيش أو السودانيين خيار آخر.

من الحكمة أن ينظر حزب الأمة من هذا المنظور الوطني الذي لا يعتبر دعم ومساندة الجيش “انحيازا للخيار العسكري” بل هو انحياز غير قابل للشك أو التأويل للجيش وليس الخيار العسكري.

#حديث_المدينة الخميس 19 يونيو 2025


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *