عثمان ميرغني يكتب : الاختراق..

حديث المدينة الأربعاء 18 يونيو 2025 

الوضع في السودان لا يحتمل التجريب ولا التقاعس ولا سريع بالخطى المعتادة.. فالبلاد حقيقة تحتضر من كل النواحي.. وتتطلب الأسلوب ذاته التي يتبعه أطباء الطواريء في المستشفيات عندما تصل إليه حالة طارئة لا تحتمل الانتظار.. وتمثل الثواني قرارا بالحياة او الموت..

والعجلة هنا لا تعني المخاطرة بالقرارات المستعجلة.. بل السير بالتوازي في كل المسارات في الوقت ذاته.. فالدولة ليست مثل البشر ان عملت عملا انشغلت به عن الأعمال الآخرى.. بل هي كمبيوتر عملاق قادر على انجاز آلاف الأعمال في الوقت ذاته..

الآن السودان في انتظار المشاورات التي يجريها السيد رئيس الوزراء د. كامل ادريس لتشكيل حكومته.. وهي نقطة بداية لابد منها لاستكمال المؤسسة التنفيذية الاولى في البلاد.. و لكن في تقديري من الممكن أن تمضي اعمال أخرى بصورة موازية دون ان تتأثر باعلان الحكومة.

على سبيل المثال.. خلال الأيام الماضية ظهرت أصوات كثيرة تتحدث عن مشروع الجزيرة ومستقبله في ظل ما تعرض له.. وما ينتظر منه..

و دون التسرع في طرح رؤية قبل تشكيل الحكومة كان الأوفق تكوين فريق عمل رفيع المستوى والخبرات لتقديم دراسة مبدئية مبنية على استقراء ميداني حقيقي لطموحات أبناء الجزيرة.. حتى يمكن ان تستصحب في اصدار سياسات أو قرارات حول المشروع بعد تشكيل الحكومة..

وفي تقدير يحتاج هنا د. كامل ادريس لقدر كبير من “الاختراق” لمنظومة التفكير وصناعة القرار التي ظلت تكرس الفشل في كثير من مرافق الدولة.. وذلك بتيني حلول خارج الصندوق تستفيد من المتغيرات في العالم والتكنلوجيا والاستثمار.

شروع الجزيرة الذي بلغ هذا العام عمره المئوي مارست فيه الحكومات المتعاقبةأسوأ ضروب الاهمال والفساد و الاستهتار.. ولا يجب النظر إليه بمنهج التفكير الحكومي التقليدي القديم.. بل بمعايير المشروعات الحديثة اليوم وما يجب أن تكون عليه..

مطلوب قفزة هائلة في مشروع الجزيرة ليس للخروج به من دوائر الفشل إلى آفاق النجاح فحسب، بل ليكون ملهما لكثير من المشروعات المتعثرة في بلادنا.. و يصبح المشروع الرائد الذي يتعلم منه السودانيون كيف يصنع النجاح الباهر من كنف الفشل المزمن.

هذا مجرد مثال واحد لأعمال كثيرة لا يجب أن تتظر تشكيل الحكومة.. و يمكنني طرح عشرات الأمثلة الأخرى التي تدلل على امكانية أن تتحرك البلاد في مسارات متوازية تلتقي كلها في الأهداف العليا المرسومة.

ليتنا لا نربط مصيرنا بـ”التشكيلة”، فالوقت ليس به سعة الانتظار.

نقلا عن – صحيفة التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *