منظمة حقوقية تُطلق نداءً عاجلاً.. والمقاومة الشعبية تُجسّد الصمود في وجه الحصار وسط انهيار الموقف الإنساني والعسكري
الفاشر – 17 يونيو 2025 – كشفت منظمة مناصرة ضحايا دارفور عن موجة نزوح جماعية جديدة من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، نحو مخيم أبوشوك المجاور، حيث لجأت خلال الأسبوعين الماضيين نحو 890 أسرة هرباً من أوضاع معيشية كارثية، في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة منذ مايو 2024.
وفي بيان تلقّته وسائل الإعلام، أطلقت المنظمة نداءً إنسانياً عاجلاً للمنظمات المحلية والإقليمية والدولية، محذّرة من تدهور سريع في الوضع بمحلية طويلة ومحيط الفاشر. وأفادت المنظمة بأن المخيمات تشهد مؤشرات خطيرة، بينها ظهور حالات سوء تغذية وسط النازحين.
وأوضح البيان أن أكثر من مليوني مدني يواجهون العطش والجوع وانعدام الرعاية الصحية، بينما يضيق الحصار الخناق على السكان المدنيين، ما دفع بمئات الأسر إلى النزوح نحو المجهول.
تراجع في الجبهة العسكرية
في الأثناء، نقلت مصادر عسكرية من داخل الفاشر معلومات مثيرة للقلق، حيث أفادت بتسليم أعداد كبيرة من المقاتلين المستنفرين في صفوف الجيش السوداني أسلحتهم، قبل أن يغادروا المدينة مع أسرهم. وذكر مصدر عسكري لـ”دارفور24″ أن حالة من الاستياء تنتشر وسط القوات بسبب تأخّر الحوافز، وانعدام مقومات الصمود.
وأشار المصدر إلى أن عائلات الجنود تعاني من أوضاع مأساوية، وسط شح في السيولة النقدية وارتفاع جنوني في أسعار السلع، ما دفع الكثيرين لاتخاذ قرار المغادرة.
السلطات ترفض الخروج.. وتحذّر من خطر أكبر
في مقابل هذا المشهد، دعا والي شمال دارفور، الحافظ بخيت محمد، سكان الفاشر إلى عدم مغادرة المدينة، محذراً من المخاطر الأمنية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وعلى رأسها التجنيد القسري واستخدام المدنيين دروعاً بشرية.
وأعلن الوالي عن دعم عاجل بقيمة مليار جنيه سوداني لـ”التكايا” الشعبية التي توفر الطعام في الأحياء، مع وعود بإجراءات إضافية للتخفيف من الأزمة.
غير أن تحذيرات الحكومة لم تُوقف حركة النزوح، خاصة في ظل انعدام المواد الغذائية والمساعدات الطبية، وتفاقم الوضع الإنساني بشكل يُنذر بانفجار كارثي وشيك.
المقاومة الشعبية: الفاشر لا تركع
وعلى الجانب الآخر، أصدرت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر بياناً وجدانياً مؤثراً، وصف فيه الحصار بأنه اختبار لصمود المدينة، مؤكدة أن “المقاومة ليست بندقية فحسب بل موقف ونبض لا يهدأ”. وقال البيان إن الفاشر تقدّم درساً في معنى أن تكون حراً، وإن “القلوب التي اعتادت رفض الظلم لا تسكنها الهزيمة”.
وأضاف البيان: “لن تنكسر الفاشر، لأنها ليست وحدها، بل في قلبها تنبض كل المدن السودانية الحرة، وفي مقاومتها تنعكس كرامة وطن بأكمله”.
ويُذكر أن قوات الدعم السريع كانت قد فرضت حصاراً مشدداً على الفاشر منذ 10 مايو 2024، مانعة دخول المواد التموينية والمساعدات، ما أدّى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية، وسط مناشدات واسعة من منظمات حقوقية ومواطنين بفك الحصار وفتح ممرات آمنة للمساعدات.
بين صرخات المدنيين، وانهيار الجبهة الداخلية، ومواقف الصمود الشعبي، تعيش الفاشر أياماً من المحنة، التي تمتحن فيها إنسانية المجتمع الدولي بقدر ما تختبر صلابة المدينة المنكوبة. ويبقى السؤال: إلى متى يظل صمود الفاشر وحده هو السدّ الأخير أمام الانهيار الكامل؟
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.