السودان بين نارين: سلاح من إيران ومواثيق مع إسرائيل!

الخرطوم في عين عاصفة إقليمية.. والخطاب الجهادي يربك المشهد

تقرير – شبكة_الخبر – بين هدوء الخارجية السودانية وصخب الإسلاميين، انقسم الحلف السوداني المؤيد للجيش حول الحرب المفاجئة بين إسرائيل وإيران، ما أدخل السودان في واحدة من أعقد المآزق السياسية منذ اندلاع الحرب الداخلية في أبريل 2023.

ردة فعل وزارة الخارجية على الهجوم الإسرائيلي كانت مقتضبة، ووصفت الهجوم بأنه تهديد للأمن والسلم الدوليين، داعية إلى اتخاذ تدابير عاجلة لوقفه فورًا. موقف اعتُبر “متوازنًا” نسبيًا في ظل التوترات الراهنة.

لكن على الضفة الأخرى، أطلقت الحركة الإسلامية (الفرع السوداني للإخوان المسلمين) بيانًا ناريًا، أعلنت فيه وقوفها غير المشروط مع إيران، ودعت إلى “إعلاء راية المقاومة” وتكوين “جبهة إسلامية موحدة” لمواجهة إسرائيل. البيان، الموقّع باسم أمينها العام علي كرتي، حمل لهجة تعبوية صريحة، وصف فيها إسرائيل بـ”الكيان الصهيوني الذي لا يفهم إلا لغة القوة”.

وسرعان ما تجاوبت معها كتائب موالية، أبرزها “كتائب البراء بن مالك” التي تقاتل إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع. وكتب قائدها المصباح طلحة على صفحته بفيسبوك: “إيران، كل الدعم يا أبطال، معكم صفًا واحدًا”.

الموقف المتصاعد أثار موجة انتقادات حادة على منصات التواصل، لا سيما وسط الموالين للجيش ودعاة وقف الحرب. بعضهم رأى في بيان الخارجية موقفًا دبلوماسيًا متزنًا، بينما وصف آخرون خطاب الحركة الإسلامية بأنه “توريط للسودان في حرب إقليمية” لا يحتمل تبعاتها.

الناشط الدكتور عزام عبد الله، الذي يتابعه الآلاف، قال في فيديو منشور إن بيان الخارجية كان “أكثر من كافٍ”، محذرًا من أن الخطاب التعبوي للإسلاميين وكتائبهم قد “يحرق أوراق السودان السياسية”.

أما المؤثر المعروف “خال الغلابة”، فوجه نقدًا لاذعًا لقائد كتائب البراء بن مالك، قائلًا: “أنت واجهة للجيش، وتصريحاتك هذه تحسب عليه، وتُظهره كمن يقاتل إلى جانب إيران ضد إسرائيل”.

ورغم التباين العقائدي بين الإخوان المسلمين والقيادة الإيرانية، فإن العلاقة بين الطرفين توثقت منذ تسعينات القرن الماضي، حين دعمت طهران نظام البشير سياسيًا وعسكريًا، وأسست له مجمع اليرموك للصناعات الحربية، الذي دمرته إسرائيل في غارة عام 2012.

كما تشير تقارير عديدة إلى أن جهاز الأمن السوداني تلقى تدريبه على أيدي “الحرس الثوري الإيراني”، وأن طهران استخدمت السودان كممر لتهريب السلاح إلى “حماس”، ما جعل إسرائيل تصنّف الخرطوم خصمًا استراتيجيًا.

لكن في يناير 2016، قطع الرئيس البشير العلاقة مع طهران فجأة، بحجة “مواجهة المد الشيعي”. ورغم ذلك، عاد التعاون السري إلى الواجهة بعد انقلاب البرهان في أكتوبر 2021، خصوصًا بعد اندلاع الحرب مع “الدعم السريع”، حيث لجأ الجيش إلى طهران لتزويده بالطائرات المسيّرة والأسلحة، أبرزها “مهاجر” و”أبابيل”.

واليوم، يجد السودان نفسه عالقًا في مفارقة مربكة: قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حليف تل أبيب الموقّع على اتفاقيات إبراهيم، يتلقى السلاح من طهران، بينما أقرب حلفائه الإسلاميين يعلنون “الجهاد” إلى جانب إيران ضد إسرائيل.

وفي الجانب الآخر، يلوذ غريمه محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالصمت، وسط أنباء عن زيارة نائب قائد قواته إلى تل أبيب، ما يشير إلى استمرار رهانه على علاقات سرية مع إسرائيل.

في خضم هذه المعادلة المعقدة، لا يبدو أن السودان يملك ترف الحياد، فكل تصريح يصدر عن أي طرف داخل السلطة أو خارجها، بات مرشحًا لأن يُحسب على الدولة كلها… في وقت تحترق فيه البلاد بنيران حرب داخلية منسية.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *