عثمان ميرغني يكتب :ضربة ايران..

حديث المدينة السبت 14 يونيو 2025
 هجوم معلن مكشوف نفذته إسرائيل على ايران فجر الجمعة أمس.. أشبه بما حدث في 5 يونيو 1967 عندما انقضت على المطارات الحربية المصرية و اخرجتها من المعركة قبل أن تبدأ..
لكن في حالة ايران لم يتوقع أحد ان تكتمل العملية الكبرى بمثل هذه السهولة والسرعة .. الاعلام العسكري الإيراني صور قدراته وتحوطاته واستعداداته لمثل هذا اليوم بما لا يترك مجالا للشك في أن الأجواء مغلقة تماما.. و من يقترب منه سيناله ردع عاجل موجع..
وبعيدا عن السياق العسكري لما حدث أو نتائجه المباشرة على الأرض.. فإن النظرة الاستراتيجية التي تختص ببلادنا السودان هي التي يجدر ان ترتقي لأولوية اهتمامنا بما حدث.
النظام الإيراني رغم وفرة موارده الاقتصادية وقدرته على صناعة نهضة وتنمية تتسق مع محيطه الخليجي الثري إلا أنه اختار طريقا آخر محفوفا بالصخور الوعرة.. و استمر على مدى عقود يمثل تهديدا مباشرا للاستقرار والسلام.. اما بالأصالة كما حدث ولا يزال في العراق وسوريا أو بالوكالة كما حدث ولا يزال في اليمن ولبنان.. و تسبب ذلك في متاعب لم تنقطع للعالم عامة والشرق الأوسط خاصة..
و كل ذلك تحت غطاء الدين الذي وجد من يصنع منه منظمات دمرت التواصل الطبيعي بين شعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع، مثل القاعدة وداعش وغيرهما.
أمال كثيرة أهدرت في صناعة الحروب والبؤس والفقر..بدلا من أن تتحول لإسعاد الشعوب و تمنحها القدرة على العطاء لمنافسة الأمم الأخرى في تنمية الإنسانية .
نحتاج في السودان للنظر عبين الاعتبار لتجربة ما يسمى بـ”الاسلام السياسي” بصورة عامة، ودراسة جدوى مباشرة للعائد منه على الشعب السوداني.
هذا الأمر لا يعني المقارنة مع أحزاب أو نظريات او أيديولوجيات أخرى.. ولا يجب ان ينظر من مبدأ تقديرات الحلق في مقابل الباطل بإقحام النصوص المقدسة في الاستدلال، أو ربما للدقة لحجم العقل الطبيعي من النظر الحصيف.
الأمر يقاس بصورة مباشرة من التجربة العملية التي مر بها السودان منذ استقلاله حتى اليوم.. هل كانت تجربة الحركات الإسلامية بمختلف مسمياتها – والتي تعتمد على ديباجة الدين دون التعويل على ارتباطها بالسلوك السياسي العام والخاص- ناضجة أصلحت حال البلاد والعباد.. أم تسببت في صراعات أراقت الدماء ودمرت و انهكت حقوق الانسان؟
المسألة لا تحتاج إلى جدال أو انكار.. من حيث المبدأ استخدام الدين علامة سياسية يهزم كثيرا من مبادئ الإسلام الحنيف.. على رأسها العدالة حينما يصبح بطاقة لتحقيق مكاسب سياسية في وجه آخر ينتمي للدين نفسه..
و الأمر لا يقتصر على ذلك.. غطاء الدين أصبح رخصة لكثير من التجاوزات التي دفع الشعب السوداني ثمنها أنهارا من الدماء والأشلاء.. و تعطيل التنمية وحقوق الإنسان ..
الحركة الإسلامية في السودان تحتاج لشجاعة المراجعة والتراجع.. أولا بفك الارتباط في اسمها وعلامتها السياسية عن الإسلام.. فالسودانيون كلهم لهم الحق في ان يشملهم الانتماء للدين.. بما لا يجوز لطرف سياسي أو مجتمعي أن يستخدمه أو يدعي تمثيله او حتى أن يقسم الملعب السياسي على أساسه..
هذه الخطوة.. فك الارتباط في الاسم هي المدخل بعد ذلك لإعادة النظر في كامل قوام الفكر الذي يفترض أن جهة سياسية تنافس الآخرين بما تملكه من ادعاء الحق في مقابل الباطل.. مما يتيح تسوية الملعب السياسية على منصة واحدة قوامها المسلك وحده وقياسه بمعايير الدستور والقانون الذي يتحاكم اليه الجميع بالتراضي.
من الحكمة أن تكون أحداث الجمعة بداية مرحلة جديدة..

نقلا عن –  التيار


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *