حيدر حدربي.. نغمة حزينة منسية في وجدان الفن السوداني

 بورتريه ـ شبكة_الخبر ـ  حين   يُذكر الفن السوداني الأصيل، تتداعى إلى الأذهان أسماء كبار حفروا بصمتهم في ذاكرة الشعب، لكن  في الزوايا البعيدة، ظلّ اسم حيدر حدربي يرفرف كظلّ لصوت مفعم بالإحساس، لم تمنحه الأقدار ما يستحق من الضوء. فنان حمل بين أوتار عوده حزن الأغنيات النبيلة، ورحل في صمت كما عاش.

وُلد حيدر سيد أحمد محمد أحمد خليفة في الخرطوم عام 1949، ونشأ في حيّ الديم الشعبي، الذي شكّل وجدانه وبذر فيه شعور الانتماء للناس العاديين وقضاياهم. تنقّل في تعليمه بين مدرسة الديم شرق الأولية، ومدرسة عبد المنعم يونس الأهلية، ثم واصل دراسته في الكلية المهنية العليا، قبل أن يُتوج شغفه بالفن بالالتحاق بـالمعهد العالي للموسيقى والمسرح، الذي تخرج فيه بين أعوام 1975 – 1980.

تميّز حيدر بتواضعه الشديد، وكان حديثه مع الناس أشبه بموسيقى هادئة تفيض احترامًا وتهذيبًا. لم يكن صوته وحده جميلاً، بل كان إنسانًا رفيع الأخلاق، يعيش على الكفاف دون أن يفقد نبل الإحساس، أو يتنازل عن مبدئيته.

بدأ مشواره الفني في السبعينيات، إلى جانب أصوات كبيرة مثل مصطفى سيد أحمد، لكنه لم يحظ بذات الشهرة، رغم ثراء صوته وعمق أغنياته. شارك في أعمال مسرحية أبرزها مسرحية “الملحق”، وغنّى للثورات وللحب وللوطن، وارتبطت تجربته بنبض الناس وقضاياهم.

بعد انقلاب يونيو 1989، اضطر حدربي إلى مغادرة السودان، متنقلاً بين القاهرة والمدينة المنورة، حيث ظل يحمل وطنه في صوته وأغنياته حتى وافته المنية عام 2006، بعد مرض لم يمهله طويلًا.

من أبرز أغنياته: مهيرة السودان ثوري (مع حنان إبراهيم)، يا بلادي، مفاتن، أغنيلك وأوصفلك، لو شفتو العيون، مشوار غرام، ومن غير ذنب.

كما أسهم في إعادة تقديم أغاني الحقيبة، وكان له دور مميز في إبراز أعمال الفنان عبد الحميد يوسف، ما يعكس ارتباطه العميق بجذور الغناء السوداني.

رحل حيدر حدربي، لكن بقي صوته شاهداً على مرحلة فنية ظلّت تنشد الجمال في زمن العتمة. كان فنانًا حقيقيًا لم يعرف المتاجرة بفنه، بل ظلّ مخلصًا لرسالته، حتى آخر نغمة.

 


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *