عامر محمد أحمد يكتب : الرواية (3)

الرواية العربية شهدت في العشرية الأخيرة (٢٠١٥–٢٠٢٤م) انتشاراً لم تعرفه من قبل، وتتخلص الملامح في سيرة وسرد الوجع، والآلام الكبيرة، في جسد مثخن بالجراح. وقد ظهر تأثير للربيع العربي – وهو تعريف سياسي بكل المقاييس، ومع تمرير المفردة على نطاق واسع مضطرب، فإن مصطلح الربيع السردي، والفكري، يظل بعيداً عن الجميع – يعيش المواطن العربي حالة كبت شديدة أدخلته في معمعة نفسية مصحوبة بحمى ورعشة و”زغللة” جراء تحكم السلطة السياسية وتجذرها – عسفاً واعتسافاً – في كل أوجه الحياة.

انعكس الاستبداد على الحالة السردية، وتحولت (الأقلام الكاتبة) إلى أدوات تعبير مباشر، وكائنات يغلبها الواقع التعيس ويحكمها، ومع غياب المجتمع الموازي فإن الخيال السردي لا علاقة تربطه بالواقع المعاش، بل هو المختلف للسائد وتعرية للواقع تبتعد عن شبهة إعادة تدوير ما هو معلوم بالضرورة. وسؤال: هل كل رواية واقعية هي ملحمة في مقام الحرب والسلام التولستاوي؟ أهو نفس سؤال الحرب والسلام عند قراء تولستوي؟ _ تشكيل الألوان وفرزها طبقياً، وهو فرز لا علاقة له البتة بما هو مرسوم في الواقع الموازي.

الحالة العربية هي حالة تشظٍ، وحزام نار متحرك داخل الوطن الكبير، فإذا قامت ثورة شعبية في العالم العربي فإن حصادها – إما قتل الثوار، أو قتل الحلم بالتغيير – والعودة إلى الأرض بعد زيارة خفيفة إلى السماء.

الأحلام الموؤودة: المدفونة حية – سردياً – وجد فيها السّرداد مرادهم، وأصبح التكييف بين الواقع والخيال، ملحمة تُسجل على الورق، فإذا وصلت إلى القارئ كانت المقارنة لصالح الواقع المأزوم غير المكتوب على الورق.

ويتحول بالتالي السؤال عن أزمة كتابة وكاتب ومجتمع كل صحائفه بين المحو وإلقاء القراطيس في دجلة والفرات والنيل والبحر الأبيض والأحمر.. رحلة _ الدم والدموع، والتجارب الخاسرة والأحلام الضائعة…

نواصل.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *