صدر كتب “أضواء على العمل الأمني والاستخباراتي في المهدية بالسودان” (1298-1316) هـ /1881-1898م(للدكتور حاتم الصديق محمد أحمد. وحاتم حدث استثنائي في هذا المنعطف في كتابة تاريخ الثورة المهدية ودولتها الذي يُنحر أمام نظرينا في طقس بليغ من قتل الأب. وهو استثنائي لسبب غريب في زماننا. إنه يطلع على أدبيات المهدية قبل أن يذيع عنها قولاً. وهذا استثناء فاضح لغيره ممن صارت الكتابة عن تاريخ المهدية عنده عرضاً مخز للغرض والتمحل والاحتيال. لا يطالعون أدبها وإن اتفق لهم اخترعوه كمثل الرسالة “العبثية” التي يقال أن الخليفة بعث بها لملكة فكتوريا يطلب يدها للأمير ود الدكيم. وهي رسالة تنم عن ضعة في الخلق ونذالة واحتقار مسيخ للذات.
ووقفت منذ حين على دأب حاتم وتساوق إصدارته عن المهدية بما طمأنني أنه متى دخلت العملة الجيدة طردت عملة التاريخ المزيفة. فقرأت له “المهدية والبطاحين” فعقد، ناظراً لوثائق المواجهة، بما جعل العلاقة تاريخاً لا فضيحة سياسية. واتطلع لقراءة كتابه الآخر عن مطبعة الحجر التي ورثتها المهدية عن الحداثة التركية ووظفتها في نشر أدباياتها.
تناول الكتاب موضوع العمل الأمني والاستخباراتي في المهدية بالسودان (1298-1316هـ/1881-1898م). ومثل هذا العمل في دلالة أن المهدية كان دولة لا “حلقة دراويش” شديدة العناية بأمنها شديدة الضبط عليه.
وجاء في تسعة فصول وخاتمة وثبت للمصادر والمراجع.
في الفصل الأول تم تناول العمل الأمني والاستخباراتي خلال مرحلة الثورة المهدية بالسودان التي اندلعت بقيادة محمد أحمد المهدي (1298-1302هـ/1881-1885م)،وفي الفصل الثاني تم التركيز على تتبع العمل الأمني والاستخباراتي في الدولة المهدية بالسودان التي كانت تحت قيادة الخليفة عبد الله ودتورشين (1298-1316هـ/1881-1898م)، وتم تخصيص الفصل الثالث لتتبع العمليات الأمنية والاستخبارية التي قامت بها الدولة المهدية في شرق السودان، أما الفصل الرابع فقد تم من خلاله تسليط الضوء على العمليات الأمنية الخارجية التي قامت بها قوات المهدية ، وفي الفصل الخامس تم تناول العمليات الاستخبارية المضادة التي تعرضت لها الدولة المهدية، كما ركز الفصل السادس على تناول العمليات الأمنية والاستخبارية التي نفذتها المخابرات الإنجليزية – المصرية داخل العمق السوداني، وركز الفصل السابع على القبائل الحدودية والأمراء والقادة وعلاقتهم بالمخابرات الإنجليزية – المصرية، أما الفصل الثامن فقد عمل على تتبع العمليات الاستخبارية في شرق السودان وداخل العمق (الحبشي – الاريتري)، وأما الفصل التاسع والأخير فقد عمل على تتبع العمليات الأمنية والاستخباراتية التي قامت بها قوات المهدية ضد حملة الغزو الإنجليزي بقيادة كتشنر، وجاءت الخاتمة وثبت المصادر والمراجع في نهاية الكتاب.
تمّيز الكتاب بأنه تناول موضوع العمل الأمني والاستخباراتي في المهدية بالسودان من خلال دراسة وتحليل أكثر من (160) وثيقة من وثائق المهدية المودعة بدار الوثائق القومية بالخرطوم، كما تم الرجوع لعدد وافر من المصادر والمراجع التي تناولت تلك الحقبة من التاريخ السوداني، وأيضاً عمل الكاتب على استخدام العديد من الخرائط والصور لأمراء وقادة وأسرى في الدولة المهدية، وأيضا صور للقادة الإنجليز الذين أسهموا في تكثيف العمل الأمني والاستخباراتي ضد الدولة المهدية(1302-1316هـ/1881-1898م) وحتى سقوطها في معركة كرري 2 سبتمبر 1898م، وذلك بهدف زيادة توضيح الكثير من المعلومات التي اشتمل عليها الكتاب لغير المختصين والباحثين في تاريخ المهدية بالسودان في محيطنا المحلي والدولي.
اكتشاف المزيد من شبكة الخبر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.