في رمال السودان .. علماء بولنديون يكتشفون مقبرة نادرة وبحيرة تحنيط فرعونية!

1200 موقع جديد تكشف عن ثراء حضاري ومناخي يمتد لملايين السنين

ترجمة  ـ شبكة_الخبر ـ  كشف فريق من الباحثين البولنديين عن اكتشاف أثري ضخم في صحراء بيوضة بالسودان، تمثّل في بحيرة قديمة مالحة كان يُستخرج منها معدن النطرون النادر، المستخدم تاريخيًا في التحنيط وصناعة الزجاج والسيراميك. ويأتي هذا الاكتشاف ضمن أعمال طويلة الأمد للمركز الوطني البولندي للعلوم، تمخضت عن تحديد أكثر من 1200 موقع أثري جديد، بينها أكثر من 400 موقع تم توثيقها ضمن المشروع البحثي الرسمي.

ووفقًا لما نشرته مجلة Science in Poland، يُعد هذا الاكتشاف من أهم الأدلة على التغير المناخي في المنطقة، إذ عُثر على عظام حيوانات سافانا في موقع يعود للعصر الحجري الوسيط (11 – 7 آلاف سنة قبل الميلاد)، بالإضافة إلى بقايا خنافس محفوظة داخل إناء فخاري في مقبرة تنتمي لحضارة كرمة، التي ازدهرت بين عامي 2500 و1500 قبل الميلاد. وتشير هذه الآثار إلى أن المنطقة كانت تتمتع بمناخ أكثر رطوبة خلال القرون الأولى من نشأة مملكة كرمة.

بحيرة الملح المكتشفة

وتقع بحيرة الملح المكتشفة بالقرب من جبل المويلحة، حيث كشفت الدراسات عن استغلالها لرواسب معدن النطرون، ما يعكس تطورًا في معرفة السكان القدامى بالمواد الطبيعية واستخداماتها.

كما تعود أقدم المواقع التي جرى اكتشافها إلى العصر الحجري القديم، وتحديدًا إلى حضارة “أولدوان” التي تعود إلى ما بين 2.6 و1.7 مليون سنة قبل الميلاد. واحتوت هذه المواقع على أدوات حجرية بدائية وبقايا ورشة آشولية لصناعة الرقائق الحجرية والأدوات المتعددة الاستخدام.

وفي تطور لافت، أظهرت أبحاث أخرى في المنطقة دلائل على وجود تصنيع حجري خلال العصر الحجري الأوسط (منذ نحو 300 ألف إلى 50 ألف سنة)، استُخدمت فيه تقنيات متقدمة مثل تقنية “لفالوا” لصناعة الأدوات.

مقبرة فريدة من نوعها

كما أُعلن عن اكتشاف مقبرة فريدة من نوعها تعود للعصر الحجري الوسيط على منحدر جبل الغار، تحتوي على 16 مدفنًا على الأقل للبالغين، موزعة على ثلاث أو أربع طبقات. وأظهرت نتائج التأريخ بالكربون المشع أن استخدام المقبرة يعود إلى الألفيتين السابعة والسادسة قبل الميلاد، ما يدل على تطور التنظيم الاجتماعي والطقوس الجنائزية في تلك الفترة.

تشير هذه الاكتشافات إلى أن صحراء بيوضة كانت، على مر العصور، موطنًا لحياة بشرية متصلة ومتنوعة، ولحضارات متعاقبة عكست تطورًا معرفيًا ومناخيًا فريدًا في قلب القارة الأفريقية.