“قافلة الأمل”.. حين أنقذت غزة لاجئي السودان من الغرق

ترجمة – شبكة_الخبر – في عرض البحر الأبيض المتوسط، بعيدًا عن شواطئ الضمير العالمي، التقت مأساة شعبين في سفينة واحدة. كانت “سفينة الحرية”، التي تحمل على متنها نشطاء ومتضامنين من حول العالم، تشقّ طريقها نحو غزة المحاصرة، حاملة شحنة من الأمل والإغاثة. لكنها لم تكن تعلم أن البحر سيحمّلها مهمة إنسانية أخرى، أكثر إلحاحًا.

على غير مسارها، انحرفت السفينة فجأة. لم يكن ذلك بسبب عطلٍ فني أو عاصفة، بل لإنقاذ أربعة أجساد بشرية تتخبط في الأمواج. أربعة سودانيين، ألقوا بأنفسهم في الماء لحظة اقتراب خفر السواحل الليبيين، مفضلين خطر الموت غرقًا على العودة إلى جحيم المجهول.

قفزة من الموت إلى الموت

روت النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ريما حسن، التي كانت على متن السفينة، تفاصيل اللحظة الحرجة. كتبت في منشور عبر منصاتها: “ألقى أربعة أشخاص بأنفسهم في البحر عند تدخل خفر السواحل الليبيين. تمكنا من إنقاذهم، وهم معنا على سفينتنا الآن.”

أكدت حسن أن اللاجئين الأربعة من السودان، تلك البلاد التي مزقتها الحرب والنزوح والانهيار، فوجد شبابها أنفسهم فريسة للمهربين في ليبيا، يطاردهم الرعب من السجون ومراكز الاحتجاز التي امتلأت شهادات الناجين منها بصور التعذيب والابتزاز والانتهاكات.

وجهات متقاطعة.. وآمال مكسورة

ربما لم يدرك اللاجئون الأربعة أن السفينة التي أنقذتهم كانت متجهة إلى غزة – أرض الحصار والمعاناة الأخرى. لكن المفارقة لم تكن عبثية: فالركاب والمتضامنون على متن السفينة يعلمون جيدًا ما معنى أن تكون عالقًا بين الحدود، محاصرًا بين العنف السياسي والجغرافيا القاسية، مثلما هو حال أهالي غزة، ومثلما أصبح حال السودانيين الهاربين من وطن أنهكته الحرب.

بصيص إنساني في بحرٍ مظلم

لم تكن هذه أول مرة تنقذ فيها سفينة إنسانية مهاجرين من الغرق، لكنها تحمل دلالة رمزية خاصة. إنها لحظة نادرة، يتقاطع فيها الألم العربي، وتلتقي فيها نكبتان في نقطة واحدة: البحر.

من على ظهر السفينة، توجّهت ريما حسن برسالة ضمير إلى أوروبا والعالم: “هؤلاء سودانيون، قفزوا في البحر فرارًا من مصير أكثر ظلمة من الموت ذاته”. كلماتها كانت أشبه بنداء استغاثة، لا من البحر، بل من البر الذي صار هو الآخر مصدر رعب.

صرخة اللاجئين.. ومهمة لم تكتمل

السفينة عادت لتكمل طريقها نحو غزة، لكن القصة الحقيقية التي حملتها لن تُنسى. قصة أربعة سودانيين أبحروا في قوارب الموت، فأنقذتهم قافلة الحرية، لا لتأخذهم إلى برّ آمن، بل لتضيف فصلًا جديدًا في ملحمة اللجوء العربي، حيث تتكرر المأساة وتتشابه الوجوه، وإن اختلفت الجغرافيا.


اكتشاف المزيد من شبكة الخبر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *